الفرق بين السعودية وإيران

TT

التهديدات الإيرانية الأخيرة للسعودية، المبطن منها والمعلن، تساعد المتابع على فهم الفرق بين الرياض وطهران، كما أنها تعد مؤشرا على أن إيران بدأت تتوجع فعليا من العقوبات الدولية التي باتت تستهدف نفطها، وبنكها المركزي، والاقتصاد الإيراني ككل.

فوزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يدعو السعودية إلى «إعادة التفكير» في تعهدها بالتعويض عن أي نقص في إمدادات النفط قد ينتج عن فرض مزيد من العقوبات على إيران، ويصف الخطوة السعودية بأنها «غير ودية». وهذا ليس التصريح الإيراني الوحيد، بل إن هناك تصريحا آخر وأكثر عدوانية، حيث سبق أن صرح ممثل طهران لدى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) محمد علي خطيبي بأنه «في حال أعطت الدول النفطية في الخليج الفارسي الضوء الأخضر للتعويض عن النفط الإيراني (في حال فرض عقوبات) وتعاونت مع الدول المغامرة (الغربية) ستكون مسؤولة عن حوادث ستحصل وبادرتها لن تكون ودية»!

وهذان التصريحان الإيرانيان يظهران الفارق بين الرياض وطهران؛ فالسعودية، كعادتها، تحاول طمأنة الأسواق العالمية، وتعزيز استقرارها، بينما إيران تريد ابتزاز المجتمع الدولي، وتهديد دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، فطهران تتصرف وكأنها تحتفظ بدول الخليج كرهينة لديها من أجل تنفيذ أجندتها النووية، أو السياسية، أو الطائفية، وتريد من السعوديين الامتثال لذلك! فما تفعله إيران تحديدا في ظل مواجهتها للمجتمع الدولي هو أنها تقول امنحوني كذا، وإلا سأفعل كذا بدول الخليج، وهذه هي القرصنة بعينها، أو قل عمل قطاع الطرق، وليس فن السياسة، أو حسن الجوار. فإذا كانت إيران تعتبر «التطمين» السعودي للأسواق العالمية عملا غير ودي، فماذا علينا أن نسمي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز؟

وهذا ليس كل شيء بالطبع، فالتصريحات الإيرانية الأخيرة تجاه السعودية تقول لنا إن إيران باتت تتوجع فعليا من العقوبات المفروضة، والتي ستفرض عليها، فيبدو أن ملالي طهران باتوا يشعرون بلسعة العقوبات، وما ستؤدي إليه. لذا فهم يهرعون للتلويح بالانتقام من السعودية، ودول الخليج، وفق نظرية الابتزاز بالرهائن. وهذا الأمر يظهر أن العقلية التي يدار بها الاقتصاد الإيراني، وكذلك النفط، لا تختلف كثيرا عن العقلية التي تدار بها السياسة في إيران، وهذا ما نشهده سواء من سياسات طهران الخارجية، أو ما يصدر من قبل حلفائها في المنطقة، سواء في العراق، أو لبنان، وحتى سوريا، حيث الاختطافات، والاغتيالات، والتفجيرات، وبالطبع احتجاز الرهائن، وهذا ما تم بحق السفارة البريطانية في طهران، وليس قبل عشرين عاما، بل قبل شهرين أو أقل!

عليه، فإن هذه العقلية نفسها، كما يبدو، هي التي تدير السياسة النفطية، والاقتصادية، في إيران، ولذا نرى، ونسمع، التهديدات الإيرانية للسعودية، سواء بشكل مبطن أو معلن، وإن دلت تلك التصريحات على شيء فهي تدل على أن إيران قد بدأت تتألم فعليا من العقوبات الاقتصادية، ما أنجز منها وما سينجز، وهذا أمر جيد بلا شك.

[email protected]