تكلفة سقوط الأسد

TT

هناك توقعات عديدة بأن نظام بشار الأسد آيل للسقوط، وأنها مسألة وقت.. توقعات يرددها الساسة، وعلى مستويات عدة، وتحظى تلك التوقعات بتأييد كثير من المعنيين السوريين، وليس المحللين بـ«التبني»، كمن فرحوا بثورات أوطانهم، واستنكروا على السوريين ثورتهم، لكن السؤال الذي يتردد الآن هو: ما هي تكلفة سقوط الأسد؟

التقرير الصحافي الذي نشرته صحيفتنا أمس، بالتعاون مع صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، يصب بهذا الاتجاه، حيث نقل جملة من الآراء المنسوبة لشخصيات مختلفة داخل سوريا، ومنهم علويون، تعكس شبه إجماع على أن هناك قناعة في صعوبة استمرار النظام الأسدي، لكن الجميع يخشى ثمن السقوط. ومما يؤيد حالة الضعف الأسدية، رفض الإخوان المسلمين العرض الإيراني الذي يقتضي تسليم الإخوان الحكومة، وبقاء الأسد! فكيف يفعل الأسد ذلك إذا كان في وضع قوة، خصوصا أنه وصف الإخوان في آخر خطاب له بأنهم «إخوان الشياطين»؟!

ومن هنا، فإن القلق من تكلفة سقوط الأسد يجب أن ينعكس حتى على مستوى المنطقة، والمجتمع الدولي، فتأخر سقوط الأسد يترتب عليه تعقيدات أمنية، واقتصادية أكبر، ليس على سوريا وحدها، بل على المنطقة كلها. وبالطبع، ففي حال بقي الأسد، فإن الثمن غال أيضا، على السوريين، والمنطقة، وتحديدا تركيا، فحينها سيكون الأسد أخطر بكثير من صدام حسين بعد تحرير الكويت.

لذا، فإن مجرد الاكتفاء بالتوقعات، أو الانتظار، ليسقط نظام الأسد من وحده دون القيام بأي جهد يذكر لتسريع ذلك من قبل دول المنطقة المعنية، والمجتمع الدولي، يعني تعريض مصالح، واستقرار المنطقة، والمجتمع الدولي أيضا، للخطر، ناهيك عن المخاطر التي تتهدد سوريا نفسها، وتعقيد أيضا لمرحلة ما بعد الأسد. فانتظار لحظة السقوط «المتوقعة» أمر خطر، ومكلف، على الجميع.

فتكلفة تأخر سقوط الأسد تعني تعميقا للأزمة السورية، وبمثابة الوقود لحرب أهلية، وكما قال أحد الدبلوماسيين الغربيين للـ«غارديان»، إنه «إذا استمر إطلاق النار على الناس لأشهر، لا يجب أن نفاجأ إذا بدأوا يردون بإطلاق النيران» وهذا ما يحدث في سوريا اليوم.

إطالة عمر النظام الأسدي تعني تعقيد الحلول في مرحلة ما بعد الأسد، ومن الطبيعي أن أكثر من سيدفع الثمن هم الأتراك، وليس العراقيين، فنظام بغداد، مثلا، يتحسس من ثورة سوريا خوفا من صحوة المارد السني، لأن النظام العراقي طائفي بامتياز، بينما يتحسس الأتراك من مستقبل سوريا ما بعد الثورة نظرا لخوفهم على مصالحهم التجارية، وأمنهم، فأنقرة ليست طائفية، بل هي ديمقراطية، وضمان بقاء النخبة الحاكمة فيها يعتمد على تقديم منجز اقتصادي للشعب التركي، وليس على وعود طائفية مغلفة بشعارات مضللة مثل الممانعة، وغيرها، على غرار ما يردده نظام الأسد، وحلفاء إيران بالمنطقة.

ومن هنا، فإن الاكتفاء بانتظار سقوط الأسد دون فعل شيء يضمن تسريع ذلك، يعد أمرا خطرا، وهذا ما يجب أن يتنبه له المعنيون باستقرار المنطقة، سواء السعوديون أو الأتراك، وحتى الأوروبيون والأميركيون.

[email protected]