هوايتي أيضا هي (القنص)

TT

مع بداية هذا الأسبوع تبدأ إجازة ما يسمى بإجازة الربيع، حيث تعطل المدارس لمدة أسبوعين أو تزيد في أكثر الدول العربية، لهذا يستغل بعض الآباء هذه الفرصة لأخذ إجازة اضطرارية ومقتطعة للتمتع في هذا الوقت مع أبنائهم وعائلاتهم، وفيهم من يسافر داخليا أو خارجيا، ومنهم من (يحتضر أو ينام) في مكانه إذا كانت ظروفه المادية لا تساعده على المزيد من الصرف.

وهناك فئة من أبناء الخليج والجزيرة العربية يستغلون الأجواء المناسبة في هذه الأيام ليمارسوا هوايتهم بما يسمى (القنص)، خصوصا قنص (الحبارى) بواسطة الصقور، وهي هواية مكلفة لم أمارسها شخصيا إلا بالمشاهدة، وذلك عندما رافقت بعض الأصحاب المولعين بتجشم الصعاب.

وعندما شاهدني أحدهم يوما جالسا ومتدثرا (بفروتي) أتفرج على الآخرين بصمت، يبدو أنه قد عطف علي ورقّ لحالي، وظن أنني أتحسر على عدم امتلاكي لصقر، فما كان منه إلا أن يفاجئني بكل شهامة ويقدم لي كهدية صقرا حرا مع (برقعه ووكره)، فاعتذرت منه شاكرا، فأصرّ على أن أقبل هديته، فقلت له: «إذا كنت مُصرّا على ذلك فسوف آخذه منك، ولكنني بعد ذلك سوف أطلقه في سماء الحرية». وفجأة وبعدما كان يمده إليّ، إذا به يجذبه سريعا ويعيده إليه قائلا لي دون أية مجاملة: «الشرهة ما هي عليك، الشرهة على اللي يعطيك) - يقصد أن الحق ليس عليّ ولكن على الذي يعطيني - وقام من مكانه، وقبل أن يتركني سمعته يقول: «ما بلعباه رجال»، وبعدها لم يعد يلتفت إليّ ولا يعيرني أي احترام.

والذي ذكّرني بهذا هو ما سمعته من أحد (المقانيص) - الصيادين - وكان عائدا لتوه من المقناص، وقال: «تصور أنني قبل يومين بعثت ثلاثة من (الحبارى) التي صدتها إلى منزل أحد أقربائي كهدية، جازما أنها سوف تكون مفاجأة وأحلى هدية، وأن أهله سوف يفرحون ويسعدون بأكلها. وعندما مر يومان ولم يتصل بي قريبي ليشكرني ويشعرني بوصول الهدية، اضطررت إلى أن أتصل أنا به شخصيا، وللأسف لم أجده وإنما ردت عليّ زوجته، وسألتها: (هاه، إن شاء الله أعجبتكم الحبارى يا أم فلان؟)، فتلعثمَت قليلا ثم قالت: (اعذرني، الواقع أنني ما عرفت كيف أنظفها وأطبخها، واضطررت إلى أن أذهب بها إلى ركن الحوش في منزلنا وأحفر لها حفرة وأدفنها فيها)».

وبعيدا عن كل شيء، ولكي لا يفهمني أحد (غلط)، أقول: إنني لست (مع أو ضد) مثل هذه المقانيص، فلكل نفس هواياتها ورغباتها وتسلياتها.

والمقانيص أو الصيد أنواع، فهناك من يهوى صيد الأرانب بواسطة كلاب السلق، وهناك من يهوى صيد الوعول بالبنادق، أو صيد الوحوش، أو الخنازير، أو حتى الحمير الوحشية.

بالنسبة لي فإنني أيضا أهوى وأمارس نوعا من القنص ليس فيه لا قتل ولا إسالة دماء، وطرائدي تخرج دائما بسلام وهي مرفوعة الرؤوس وتتمايل.

[email protected]