الاعتماد الصحي للمستشفيات.. ضرورة

TT

ثمة اليوم ضرورة لنظر المستشفيات بعين الجدية نحو نَيل شهادة دولية أو محلية للاعتماد. وشهادة الاعتماد، من إحدى اللجان الدولية المعروفة والمميزة عالميا، تضع المستشفى كمؤسسة صحية طبية على عتبات بدء مرحلة تالية من الاستمرار بالرقي في مستوى ونوعية الخدمات الصحية والطبية التي تقدمها لمرضاها، وفق طريقة منهجية واضحة، أي الخروج من الأداء الطبي التقليدي غير المنضبط بالتقييم المرحلي، إلى مرحلة السعي دون كلل نحو تطوير الجودة بشكل مستمر والحرص المتنامي الذي لا يتوقف للسعي نحو سلامة المرضى.

وكمثال على أحد هذه اللجان الدولية، «اللجنة المشتركة الدولية» ( JCI)، التي هي الفرع الدولي لـ«الجنة المشتركة» (TJC) بالولايات المتحدة. وسعي المستشفيات نحو نَيل شهادة الاعتماد من هذه اللجنة الدولية مثلا هو مساعدة لضمان وجود بيئة آمنة طبيا وصحيا للمرضى والعاملين بالمستشفيات والزائرين لها، وهو وإن كان سعيا تطوعيا من قبل المستشفى، إلا أنه يظهر بشكل واضح جديتها في عمليات التحسين المستمر لجودة الخدمات الصحية والطبية التي تقدمها لمرضاها، وجودة كيفية تقديم هذه الخدمات لهم من قبل العاملين بالمستشفى، إضافة إلى إظهار وتفعيل الاهتمام بسلامة المرضى كأسلوب لأنظمة المستشفى والعاملين فيها.

ولا تقتصر مزايا مثل هذا الجهد في نَيل الاعتماد على تحسين مستوى ثقة عموم الناس بالمستشفى الذي يقدر بشكل جدي الاهتمام بجودة خدمة المرضى والحفاظ على سلامتهم، بل يتعداها إلى أمور أخرى مهمة، ومنها تبني العاملين بالمستشفى إشراك المرضى وعائلاتهم كشركاء فاعلين للأطباء وطاقم التمريض في عملية الرعاية الطبية والصحية لمرضاهم. كما أنها تبني ثقافة منفتحة على التعلم من الأحداث السلبية التي قد يتعرض لها المرضى خلال فترة معالجتهم ومتابعتهم الطبية، وعلى بناء ثقافة منفتحة لمواجهة المخاوف الخاصة بسلامة المرضى، ما يعطي العاملين بالمستشفى دراية واضحة وعملية في كيفية التصرف إزاء كل ما يهدد سلامة المرضى وراحتهم ونجاح معالجتهم.

وهناك جانب آخر يخفى كثيرا عن نسبة لا يستهان بها من العاملين بالمستشفيات، وهو كيفية بناء بيئة عاملة بالمستشفى تسعى إلى البحث عن رضا المرضى وعائلاتهم والاهتمام بنيل ذلك، إضافة إلى تأسيس وعي وفهم لدى العاملين بالمستشفى لكيفية الاستمرار في تحسين عمليات الرعاية الطبية وملاحظة نتائجها واستخلاص الدروس من تلك النتائج كي يستفاد منها في تطبيقات تحسين تقديم الرعاية الطبية للمرضى.

وما كان غائبا لفترات طويلة هو وجود مثل هذه الآليات التي تراجع وتحسن من جودة خدمات المستشفيات للمرضى والعمل على تحسين مستوى ضمان سلامتهم فيها. وتعمل «اللجنة المشتركة الدولية»، كونها الذراع الدولية لـ«اللجنة المشتركة» بالولايات المتحدة، مع مؤسسات الرعاية الصحية ووزارات الصحة والمؤسسات الصحية العالمية في أكثر من 80 دولة منذ عام 1994. وينصب تركيزها على تحسين سلامة رعاية المرضى من خلال خدمات الاعتماد ومنح الشهادات، إضافة إلى الخدمات الاستشارية والتعليمية التي تهدف إلى مساعدة المؤسسات الطبية على تنفيذ حلول عملية ومستديمة للمشكلات أو الصعوبات التي تعترض تقديم مستوى عالي الجودة في الخدمات العلاجية ورعاية المرضى.

وكانت اللجنة الدولية قد حصلت في يونيو (حزيران) 2011 على اعتماد لمدة أربع سنوات من قبل «الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية» (ISQua). ويمثل هذا ضمانا بأن المعايير والتدريب والعمليات التي تستخدمها اللجنة الدولية لعمل استقصاء عن أداء مؤسسات الرعاية الصحية هي بالفعل تتوافق مع أعلى المستويات العالمية لجهات الاعتماد. كما أن أول مركز تعاوني على مستوى العالم لمنظمة الصحة العالمية والمخصص حصريا لحلول سلامة المرضى هو شراكة بين «منظمة الصحة العالمية» و«اللجنة المشتركة» و«اللجنة الدولية المشتركة».

وحتى اليوم، حصلت أكثر من 400 مستشفى ومؤسسة رعاية صحية في 39 دولة على اعتماد «اللجنة الدولية المشتركة».

استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]