لقد خسرت الرهان

TT

عندما فاز باراك أوباما كنت بين الذين بهرهم وصوله. وتأملت به دون أن أخدع نفسي. ظننت أن لا بد لرجل في مثل مكوناته ونشأته إلا أن ينعكس ذلك على سياساته، لكنني كنت أعرف أيضا أن الولايات المتحدة ليست جمعية رومانسية يمكن تغيير مواقعها بمجرد تغير بشرة رئيسها، ولذلك اقترحت أن نعطي الرجل سنتين قبل أن نبدأ في مهاجمته. لقد خسرت الرهان.

كان البعض يقول، أو بالأحرى يردد، في الماضي إن الرئيس الأميركي مقيد في الولاية الأولى لأنه يريد الحصول على ولاية ثانية. لا أعتقد أن أوباما سوف يعرف من العمل التاريخي أكثر من أنه أول رجل أسمر قطع المسافة المذهلة في سياسات أميركا، متحديا جميع العناصر المعاكسة: قوة المال وقوة العادة وقوة العصب، وغير ذلك، فهو، على الأرجح، سندريلا ذكر حسن الحظ.

أميركا التي تغيرت لدرجة الاقتراع لابن أفريقي مسلم، لم تتغير بعد للخروج من كل موروثاتها القديمة. المعركة الانتخابية تبدو مثل مهرجان في لعبة الرغبي: ألوان وموسيقى ومشجعات يرتدين تنانير فاقعة، ولا قضايا، في دولة كبرى تمر، هي والعالم أجمع، في مخاض سياسي واقتصادي خطير.

هذا إلى حد بعيد، طابع الحملات الأميركية عادة. بهرجات وأجواء مرحة. وأقوال في الهواء. أطنان منها. ومرشحون يجربون حظوظهم ولا يفوزون إلا بما يفوز به بعض اللبنانيين: لقب المرشح الرئاسي، وهو غالبا مرشح لم يرشحه أحد ولم يدخل في اعتبار أحد ولم يتحمس له أحد سوى زوجته. ليس من أجله، بل من أجل أن تستخدم لقب السيدة الأولى.

المرشحون المؤهلون لا يدخلون حلبة التهريج، أما في أميركا فالموسم يتسع في بداياته لجميع الراغبين، وهو أمر لا يحدث في فرنسا، مثلا، أو في روسيا، أو في زعامة الأحزاب في كندا. الآن دخل باراك أوباما مرحلة الترشيح، مثل سواه، وقد يسعفه إلى حد بعيد، مستوى المرشحين الجمهوريين والطريقة التي يخوضون بها حملاتهم الأولية، وربما تم التجديد للرئيس المقيم، كما هي العادة معظم الأحيان. وربما خاض الحزب الديمقراطي المعركة بلائحة تضم أبرز سياسيين لديه: مرشح أسمر يكمل استرضاء الأقليات، وهيلاري كلينتون، أولا كامرأة، وثانيا كوزيرة خارجية قوية، بكل المقاييس الأميركية القائمة في الأغلب، على الحضور الإعلامي، وهو حضور لم تتمتع به المسز أولبرايت، التي افتقرت إلى شيء من النسب الأنثوية، أو الآنسة كوندوليزا رايس، التي بدت دوما وكأنها دون مقعدها. وكانت أسيرة الوفاء لجورج بوش الذي اختارها لمنصب الأمن القومي ثم الخارجية.

هيلاري كلينتون جاءت من بيت بيل كلينتون، وكانت في البداية مرشحة منافسة لأوباما نفسه، وقد يحسم اجتماع الاثنين في لائحة واحدة، المعركة مرة أخرى، للرجل خارق الاسمرار.