«هذه ثورتي وحلم حياتي»

TT

بعد عام على الثورة المصرية، سألت نفسي: وماذا بعد؟

معضلة الثورة المصرية، كما أفهمها، هي قدرة شعاراتها على إخراج الملايين إلى الشوارع والميادين، ولكن عدم قدرتها على الحصول على عشرات الآلاف من الأصوات في دوائر الانتخابات لترجيح كفة مرشحي الثورة!

تخرج الثورة مليونية إلى التحرير، ولكن غير قادرة على إقناع مائة ألف مصوت في دائرة انتخابية؛ كيف؟!

هذه التركيبة المعقدة تحتاج إلى بحث وتدقيق.

قبل انتخاب البرلمان خرجت 23 مليونية، منذ تنحي الرئيس المصري السابق، ولكن أيضا فشل أنصار الثورة، كميا، في فرض كلمتهم في استفتاء الإعلان الدستوري، في مارس (آذار)، وانتخابات البرلمان، في ديسمبر (كانون الأول)، ويُنتظر أن تستمر هذه المعادلة في انتخابات الشورى والرئاسة!

كيف يمكن أن يكون مزاج التظاهر ثوريا وشبابيا، ثم يكون المزاج التصويتي إخوانيا وسلفيا؟

الناس في مصر يتظاهرون مع الثورة ويصوتون لجماعة الإخوان والجماعات السلفية!

كان المشهد يوم 25 يناير (كانون الثاني) هذا العام بليغا ومؤثرا؛ يتفق فيه الجميع على احترام دماء الشهداء ورعاية أسرهم وضرورة استكمال الثورة.

واختلف الجميع على أسلوب استكمال الثورة؛ «الإخوان» والسلفيون يريدون أن يتم تسليم وتسلم السلطة من الجيش إلى رئيس مدني منتخب في موعد أقصاه 30 يونيو (حزيران) من هذا العام، بينما شباب الثورة يريدون أن تنتقل السلطة الآن دون إبطاء إلى البرلمان.

ويرى شباب الثورة أنهم يريدون نقل السلطة الآن إلى قوى مدنية، لأنهم (حسب وصفهم) يثقون في أن المؤسسة العسكرية ليست محايدة بالقدر الذي يجعلها تشرف سياسيا على كتابة الدستور الجديد، ونقل السلطة، وعمل انتخابات رئاسية محايدة.

ويؤمن «الإخوان» بأنه لا داعي للقلق من المؤسسة العسكرية، وأن رعايتهم لانتخابات برلمانية حرة ونزيهة هي خير دليل على أنهم الجهة التي يوثق بها في استكمال مشوار نقل المؤسسات السياسية وجميع السلطات إلى سلطة مدنية منتخبة.

الجيش و«الإخوان» والسلفيون في جهة، والثوار والليبراليون وقطاعات من المثقفين في جهة أخرى.

المذهل أن الجميع يقول إنه مع الثورة، لكن الثورة لم تحصد أصواتا في البرلمان! والمذهل أيضا أن الجميع يقول إنه يؤمن بجيش مصر الوطني، ولكن يتم الهتاف بسقوط حكمهم!

الحالة في مصر الآن: ثوار في الميادين، ولكن ليسوا في البرلمان، وجيش تتم المنازعة حول المدى الزمني لبقائه في الحكم؛ هل عدة أسابيع أخرى أم عدة أشهر حتى يوم 30 يونيو؟

وما بين صراع الجيش والثوار، يخرج التيار الإعلامي الرابح الأكبر.