السياسيون الشباب

TT

نتوجه اليوم (الخميس) في الكويت لانتخاب برلمان منتخب بالكامل، والذي يتزامن مع ذكرى مرور خمسين عاما على ممارسة الديمقراطية في هذا البلد الصغير. غير أن اللافت هذا العام هو الحراك الشبابي الكبير الذي سبق حل البرلمان، وعدد المرشحين الشباب الذي ناهز خمس إجمالي عدد المرشحين، وهو تطور لافت. وشخصيا أتوقع أن يحصد المرشحون الشباب عددا أكبر من المقاعد. وقد سبق أن اخترق الشباب حكومات وبرلمانات سابقة منها المجلس التأسيسي الذي كان قرابة نصفه ممن هم في سن الثلاثينات، وكان 14 وزيرا من أصل 16 من الوزراء، عام 1963، ممن هم في سن الثلاثين، مما يشير إلى أن هذا الشعب مثل غيره ليس لديه «عقدة الشباب».

وليست الكويت منفردة، فقد انتخب الهنود مؤخرا نحو 80 نائبا دون سن الأربعين يمثلون الفئة العمرية الصغيرة بالهند التي تصل إلى 70 في المائة من السكان. كما حرك الشباب ثورات غير مسبوقة في تاريخ وطننا العربي، لم يهدأ غبارها حتى اللحظة. فألم يأن الأوان للالتفات للشباب الذين يمثلون أكثر من 50 في المائة من سكان العالم العربي باختيار المتخصصين والمتميزين منهم للبرلمان والحكومة وغيرهما. فالشاب يفهم نظيره الشاب ويدرك تطلعاته، وهم في النهاية عناصر نطعم بها فريق المخضرمين في أي عمل سياسي.

ويعد وجود قيادات شابة مسألة مهمة لبناء صف ثان في بلداننا، خاصة في صفوف الوزراء والنواب وقيادات القطاع العام. فغياب الشباب المميز مثل حال فريق كرة قدم الذي ليس لديه صف ثان، فما إن يعتزل الكبار حتى تظهر المشكلة التي يدفع ثمنها المجتمع. ومثل الشباب والكبار كمثل العداءين في سباقات التتابع، واحد يناول الآخر العصا ليكمل الأخير طريقه حتى خط النهاية.

ولذا نجد الأمم المتحدة تهتم بهذه الفئة وتثقفها وتعد لها برلمانا مصغرا يشارك فيه ممثلون من شتى الدول منها العربية. ولدينا في الكويت تجربة مماثلة وهي تسيير رحلات مدرسية إلى مجلس الأمة ليجلس التلاميذ على مقاعد النواب والوزراء ويؤدوا «جلسة وهمية» حتى يغرس ذلك فيهم أهمية السلطة التشريعية والتنفيذية بالمجتمع، وهم في النهاية عماد المستقبل.

أما أين يمكن أن نجد الشباب القياديين، فهم موجودون بكثرة في الجامعات والشركات والنقابات وجمعيات النفع العام، وقد سمعت الراحل د. أحمد الربعي يقول كلمة جميلة وهي أن «العمل النقابي مدرسة لتخريج قيادات المجتمع».

والشباب نوعان: نوع يبزغ نجمه فجأة في مجاله فيلفت إليه الأنظار، ونوع يحتاج أن نمنحه فرصة في ميدان المسؤولية حتى نكتشف قدراته. وما القيادات اللامعة في البرلمانات والوزارات الذين خرجوا من رحم الاتحادات الطلابية والنقابية إلا مثال على ذلك.

سوف أصوت اليوم للمميزين من الشباب، علني أساهم في ضخ دماء جديدة في تجربتنا الديمقراطية وتطور الكويت التي تعد جزءا لا يتجزأ من العالم العربي الكبير.

[email protected]