رعب في بورسعيد!

TT

بعد مرور سنة كاملة على «الثورة» المصرية، كان الحصاد مرا في ملعب بورسعيد.

مصر الآن في حال صعب، وأمر مريج، المشاعر موزعة بين الخوف، والحيرة، والغضب، والشك.

خوف: من الانفلات الأمني المذهل، وسرقات بنوك في وضح النهار، وقطع طرقات، وسرقة سيارات وأصحابها فيها بعد رفع المسدسات والخناجر في وجه قادتها، ثم مقايضة صاحب السيارة بالمال لإعادتها إليه، وقفز على البيوت، وسرقة حقائب السيدات عيانا بيانا، و«الحمبولي» و«فرافيرو»، وغيرهما من قادة العصابات.

حيرة: في تفسير هذه الأحداث والاختلافات السياسية، والتصعيد المستمر.. هل هو بسبب داخلي محض يكمن في وجود ثوار مصريين يعتقدون أن ثورتهم تم الغدر بها والقفز عليها عبر صفقة بين الإسلاميين والعسكر، أو أن حالة عدم الاستقرار تعود إلى بقايا «الفلول»، وأصحاب المصالح الخاسرة من النظام القديم، فهم يريدون إفساد المسار السياسي المصري لأنه لا فائدة لهم منه، أو أن هؤلاء الثوار في الميادين من جماعة 6 أبريل وغيرهم مجرد عملاء، وأدوات يحركها الخارج، وهذا الخارج إما أن يكون أميركا وإما إسرائيل وإما الجن الأزرق؟!

غضب: من عجز الدولة والجيش وأجهزة الأمن عن فرض الأمن فرضا، والإمساك بزمام الأمور وتثبيت الاستقرار في الشارع، وغضب من الإعلام الذي يتكسب بدماء الناس وخوفهم عبر المزيد من الشحن والإثارة ونشر الشائعات واستضافة كل من هبّ ودبّ لصب الوقود على النار المشتعلة أصلا.

شك: في المستقبل، وجدوى الثورة، ومصداقية ما يقال عن الصفقات الخفية، وما يقال من تفسيرات تحاول كشف النقاب عن حقيقة ما يجري، ومن يقف خلف هذه الحالة المزرية التي وصلت إليها مصر بعد عام من ثورة كان الجميع، إلا ما ندر، يتغنى بها خارج وداخل مصر، وما زال البعض يتغنى ويطرب، رغم مجزرة ملعب بورسعيد الأخيرة!

في حندس هذا الظلام هناك من يردد ببرود، خصوصا من هم خارج مصر، أن هذا أمر طبيعي، وهذا قدر الثورات، لا بد أن تأخذ وقتها، حتى تستقر، وأن الديمقراطية تحتاج إلى دورة زمنية حتى تكتمل وتنضج.

هذا الكلام رجم بالغيب، ومراهنة، بل مقامرة على مصير مجتمعات ودول كاملة.

هذه الصومال وأفغانستان، مثلا، ترزحان في مستنقع الفوضى منذ أكثر من عقدين من الزمان. ويبدو أنه لا مخرج في نهاية النفق.

أما أن الديمقراطية كفيلة بتطوير نفسها وأن ينضج الناس في التعامل معها بمرور الوقت، فلا أظن أن هذه حجة مقنعة ومفحمة.

يكفي النظر إلى ما يجري في بعض الديمقراطيات العربية القديمة، وطبيعة السجالات الجارية فيها.. الكويت والأردن مثالا.

[email protected]