العار لروسيا والصين!

TT

في محاولتهما للحد من النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط أعطت روسيا والصين الولايات المتحدة فرصة لم تحلم بها في كسب صداقة كل من عادوها بيننا، وإقناعهم بأنها القوة الوحيدة التي يمكنهم الاعتماد عليها حتى ولو كانوا من الإسلاميين. بالطبع لم يكن من السهل لموسكو التخلي عن الأسد كما تخلى الأميركان عن الشاه. فالصديق يعرف في اليمن والضيق. علينا أن نسجل ذلك للروس. وفوق ذلك، لهم مصالحهم في سوريا، فهم من يبيعونها السلاح. ولكن موقفهم المخزي في مجلس الأمن سيعرض، أو ينبغي أن يعرض، مصالحهم للخطر في المستقبل. لا أدري شيئا عن المحاولات العربية الدبلوماسية في تحذير موسكو وبكين من موقفهما هذا، وما سيكون له من أثر سيئ في البلاد العربية. ولكن الفرصة ما زالت سانحة. لقد ناشدت السيدة كلينتون حلفاء سوريا الاتحاد ضد نظام الأسد الذي أثبت الآن أنه أكثر وحشية حتى من نظام صدام حسين ولم تشهد المنطقة العربية مثيلا له منذ دخول هولاكو إلى بغداد.. ما الذي قصدته كلينتون؟

علينا أن نعطي درسا لروسيا والصين لم يستوعبوه بعد. علينا أن نفهمهم أننا نعيش الآن في عالم جديد أصبحت فيه لحقوق الإنسان أيضا مصالحها. لم يعد من السهل الاعتداء على الإنسان وحقوقه في عيش حر كريم. ومن يفعل ذلك يتلقى عقابه ويخسر. وهو ما اكتشفه البيض في جنوب أفريقيا. علينا أن نرد على الروس والصين. أدنى ما يمكن عمله تخفيض علاقاتنا الدبلوماسية معهم وترحيل سفرائهم وتعليق أي مفاوضات جارية معهم. علينا الاقتداء بمبادرة العاهل السعودي عندما أمر بإلغاء أوبريت «الجنادرية» احتراما وتضامنا مع مشاعر السوريين. هناك كثير من المهمات الروسية والصينية التي يمكننا إلغاؤها. على المنظمات الشعبية أن تفكر بشن حملة لمقاطعة البضائع الروسية والصينية.

كانت الحرب العالمية الثانية امتحانا عسيرا للإسلاميين واللاعنفيين. كيف تلتزم باللاعنف وترفض حمل السلاح وهتلر يسوق يوميا ألوف الأبرياء إلى أفران الغاز ويطحن ملايين الشباب في حملاته العسكرية؟ لقد بدأت انتفاضة الشعب السوري بداية سلمية لا عنفية في إطار الجهاد المدني غير المسلح. ولكن بشار الأسد ما زال يبيد شعبه بالعشرات أو المئات يوميا ولا يعنيه الأمر قط. لا بد من تحييد سلاحه وإسكات نيرانه، كما جرى في ليبيا. هذا موضوع يهم أرواح الناس. لا مجال فيه للتسويف والانتظار. ولا نريد حربا أهلية تتحول إلى حرب طائفية، تبتلع حياة ألوف من الشباب وتدمر سائر مدن سوريا. هذه مسؤولية تقع بصراحة على القوة الوحيدة التي تستطيع إسكات مدافعه.. حلف الناتو الذي تحولت مسؤولياته الآن إلى حماية أرواح الناس (أرواح المسلمين بالمناسبة!)، في البلقان، وفي أفغانستان، وفي ليبيا.

الدولة الأخرى التي تلعب دورا قذرا في الموضوع هي إيران. وهو دور قذر لأنه يكشف عن انتهازية إسلاميتها. فالمفروض أن تؤيد الجمهورية الإسلامية انتفاضة يقودها إسلاميون ضد حكم علماني. ولكن العكس هو ما جرى.. أي نعم. نفس الحكاية.. المصلحة قبل الديانة! فنظام الأسد جسر إيران لجنوب لبنان والبحر المتوسط.