أخيرا.. «أصدقاء الشعب السوري»!

TT

بعد أحد عشر شهرا من العنف والقمع المنظم من قبل القوات الأسدية في سوريا بحق السوريين العزل تم الإعلان في القاهرة عن أن مشروع «أصدقاء الشعب السوري» سيرى النور أخيرا في تونس، وبحضور دول عربية، وغربية، وهو الأمر الذي يعني قطع كل الجسور مع النظام الأسدي.

أكتب المقال ولم يصدر البيان الختامي للاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، وأيا كان محتواه، فإن الأهم هو ما صدر عن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الذي ألقى كلمة تلخص واقع الحال، خصوصا وهو يقول إن نظام بشار الأسد نظام لا تجدي معه المبادرات، وطالب بفتح قنوات الاتصال مع المعارضة السورية، وتقديم كل أنواع الدعم لها، وهذه ستكون بلا شك نقطة التحول في التعامل مع الأزمة السورية، بغض النظر عن أي قرارات عربية أخرى تصدر عن الجامعة العربية.

اليوم طالما أن هناك مؤتمرا سيعقد في تونس تحت عنوان «أصدقاء الشعب السوري»، فإن هذا يعني أن العرب قد قرروا عمليا نزع الاعتراف بالنظام الأسدي، وقرروا الوقوف مع الدم السوري البريء وقفة حقيقية، وبلا شك أن مجرد الإعلان ليس نهاية المطاف، بل هو بداية العمل الجاد من أجل إنقاذ الأبرياء السوريين.. فقبول الطلب التونسي، مثلا، لاستضافة مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» جاء ليمثل حلا وسطا بين الرغبة التركية والفرنسية لاستضافة نفس المؤتمر، كما أن تاريخ انعقاده في الرابع والعشرين من هذا الشهر يأتي بعد مؤتمر الصومال الذي سيعقد في لندن يوم 23، وهذا مما يساعد على حضور جميع الأطراف المعنية.

وعليه، فإن مدلولات خطاب الأمير سعود الفيصل أمس، ودعوة تونس لمؤتمر لـ«أصدقاء الشعب السوري»، تعني أن لدى العرب طرقهم للتحرك من أجل حماية السوريين العزل، وإن حاول الروس حماية طاغية دمشق، فما حدث يعني أن العرب قد ركبوا الموجة العالية، وقرروا تحمل المسؤولية. واليوم على الروس، وحتى الصينيين، تحدي العالم العربي، والإسلامي، والمجتمع الدولي، إن أرادوا، لكنه سيكون تحديا في مسرح مفتوح، وليس في مجلس ضيق، مثل مجلس الأمن.. فما يحدث من جرائم في سوريا أمر لا يمكن التساهل معه، أو التسويف فيه، وأيا كانت الدوافع، أو المبررات، فالنظام الأسدي نظام فاقد للمصداقية وليس له مواثيق أو عهود، ولا يجيد هذا النظام إلا تزييف الحقائق، وضرب هذا بذاك، وبث أخبار مشوشة، وبطرق متذاكية، وأبسط مثال هنا، ومن مصادر من داخل أروقة الجامعة العربية، فإن العراق قد قال صراحة يوم أمس بأن كل ما تسمعونه من النظام الأسدي عن دعم عراقي لهم، أو تمويل، أو تسهيلات، ما هو إلا أمر غير صحيح، وأنها تسريبات من وسائل الإعلام الأسدية للتشويش على المشهد العربي!

ومن هنا، فإن الموقف السعودي، والدعوة لمؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في تونس، كلها تعني أن العجلة قد دارت لوضع حد للجرائم التي ترتكب بحق السوريين العزل، ولكن لن يكون الأمر سهلا بالطبع، وإنما هذا يعني أن العمل الجاد قد بدأ.

[email protected]