هل النخبة مريضة نفسيا؟

TT

سوف أطرح سؤالا لا أقصد به أن أجرح مشاعر أي إنسان، أو أن أمس به حقوق أي مواطن عربي في إبداء رأيه، لكنه سؤال يجب أن نطرحه الآن في ظل حالة الفوضى العقلية الهستيرية الإعلامية التي نحياها.

السؤال هو: هل نحن أمام نخبة سياسية وإعلامية مريضة نفسيا؟

والمرض النفسي الذي أدعي وجوده هو «الميل إلى تعميق الشعور بالاضطهاد وتعظيم نظرية المؤامرة واحتكار حق الصواب للنفس وتحقير وازدراء الغير إلى حد الاغتيال المعنوي».

وبالطبع إذا صحت هذه الادعاءات التي أطلقها دون أي أسانيد، فإن المسألة تصبح شديدة الخطورة، ويصبح قطار المستقبل العربي ذاهبا إلى الجحيم، لا قدر الله.

من هنا تعالوا نستعرض بعض ظواهر النخبة وجرائمها الفكرية، على سبيل المثال وليس الحصر:

نحن نرى في الليبرالية العلمانية بمعنى فصل الدولة عن الدين، ولا نرى فيها حرصها على المبادرة الفردية واحترام المواطنة المتساوية واحترام الآخر مهما اختلف معنا.

ونحن نرى في الاشتراكية الاتهام بالإلحاد، ولا نرى فيها الحرص على المساواة والعدالة الاجتماعية للبسطاء والمحرومين.

والرأي حق البعض في تعامله مع الرأسمالية على أنها نظرية ترى الفساد والتوحش المالي ونتهم كل رجل أعمال بأنه بلا ضمير إنساني وأنه شخص لا يفكر إلا في الربح بأي ثمن، ولا نرى في الرأسمالية نظاما يسعى لتشجيع المبادرة الفردية لإنعاش الأسواق وتوفير فرص العمل وتدوير الأرباح بهدف النمو الاقتصادي. ونحن نرى في فكر الإصلاح أنه شعار المتخاذلين عن دفع فاتورة الثورة الجذرية لاقتلاع جذور النظام، ولا نرى في الفكر الإصلاحي أنه يقوم على برامج تدريجية في الانتقال من حالة سيئة إلى حالة أفضل بأقل هزات ممكنة. وأخيرا، بعضنا يرفض الفكر الثوري، لأنه يرى فيه مراهقة فكرية تسعى لإسقاط مؤسسات النظام لصالح فكرة تآمرية، بينما لا نرى أن الثورات غيرت الأنظمة المستبدة التي فشل معها أي جهود إصلاحية لبناء مجتمع يقوم على الحرية والعدالة والمساواة.

باختصار، نحن نميل إلى رؤية الأمور بعين واحدة مع الإصرار العمدي على إنكار وجود وجه آخر للعملة.

أليس ذلك هو المرض النفسي؟! أليس هذا هو الخلل المتعمد في الإدراك؟!