هل يصبح مالك «فيس بوك» أكبر دافع ضرائب في التاريخ؟

TT

مع طرح «فيس بوك» للاكتتاب العام الأولي هذا العام، يخطط مارك زوكربيرغ لاستخدام عقود خيارات أسهم تقدر قيمتها بخمسة مليارات دولار من إجمالي حصة أسهمه التي تبلغ قيمتها 28 مليار دولار. وسيتم التعامل مع مبلغ الخمسة مليارات دولارات الذي سيتلقاه لدى استخدامه تلك العقود في صورة راتب، وستفرض على زوكربيرغ ضريبة تربو قيمتها على ملياري دولار، الأمر الذي يحتمل معه أن يصبح أكبر دافع ضرائب في التاريخ. ومن المتوقع أن يبيع عددا من الأسهم يكفي لسداد الضريبة.

ولكن ما حجم ضريبة الدخل التي سيدفعها زوكربيرغ على بقية أسهمه التي لن يقوم ببيعها بشكل فوري؟ ليس لزاما عليه دفع أي ضريبة. فيمكنه استخدام أسهمه كضمان للاقتراض بضمان ثروته الطائلة وتفادي جميع الضرائب. وهذا ما فعله لورانس جي إليسون، الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل». فقد ذكر أنه قد اقترض أكثر من مليار دولار مقابل أسهمه في شركة «أوراكل» واشترى واحدا من أغلى اليخوت في العالم.

وإذا لم يقم زوكربيرغ ببيع أسهمه مطلقا، لأمكنه تجنب ضريبة الدخل، وبعدها، عند وفاته، يمكن أن تؤول أسهمه إلى ورثته. وعند قيامهم ببيعها، ستفرض عليهم ضريبة فقط على أي ارتفاع في قيمة الأسهم منذ وفاته. وكمثال على ذلك، خذ ما فعله ستيفن جوبز. فبعد انضمامه مجددا إلى شركة «أبل» في عام 1997، لم يقم ببيع سهم واحد في الشركة لبقية حياته، ومن ثم، لم يدفع أي ضريبة على إجمالي الأسهم التي امتلكها في شركة «أبل» إلى أن وافته المنية. وتزيد قيمة أسهمه على ملياري دولار. والآن، بإمكان أرملته بيع تلك الأسهم من دون دفع أي ضريبة دخل على ارتفاع قيمة هذه الأسهم قبل وفاته. وسيتعين عليها دفع ضرائب فقط على الزيادة في قيمتها من وقت وفاته وحتى وقت إتمام عملية البيع.

الآن، قارن زوكربيرغ بليدي غاغا. ففي العام الماضي، أخبرت إلين ديغينرز أنه قد تعين عليها أن «تفلس تماما»، لتوقع على إقراراتها الضريبة، لأنها كانت مدينة بكم هائل من الضرائب. وأذيعت أخبار مفادها أن ليدي غاغا حققت مكاسب قيمتها 90 مليون دولار في عام 2010. ونظرا لأنها تحقق مكاسب ضخمة، فإنها تخضع لأعلى فئة ضريبة دخل. ومن ثم، فبافتراض أنها قد حققت القدر نفسه من النجاح هذا العام، سوف تدفع ضرائب تزيد قيمتها على 30 مليون دولار، وربما أكثر من 45 مليون دولار، وهو المبلغ الذي يعد أكبر من حجم الضرائب التي سيدفعها زوكربيرغ على الأسهم التي يحملها الآن في شركة «فيس بوك»، والتي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار.

ما سبب هذا؟

يعتمد نظام أميركا الضريبي على مفهوم «تحويل الأسهم إلى نقد». فلا تفرض ضريبة على الأفراد، إلى أن يقوموا فعليا ببيع ممتلكاتهم ويحققوا مكاسب من عمليات البيع. غير أن هذا النظام يبدو أقل منطقية بالنسبة للأسهم التي يتداولها الأثرياء بشكل معلن. وثمة حاجة لتغيير جذري لإصلاح هذا الخلل الجوهري في نظامنا الضريبي، وفي النهاية، يلزم أفراد، مثل وارين بافيت وإليسون وآخرين، بسداد ضريبة دخل محدودة على الأقل على أسهمهم غير المباعة. ويعرف هذا النظام باسم تحديد الضرائب بحسب سعر السوق.

بالنسبة للأفراد والأزواج الذين يحققون دخلا يزيد على 2.2 مليون دولار، على سبيل المثال، أو يملكون 5.7 مليون دولار أو أكثر في صورة أوراق مالية متداولة بشكل معلن (يمثلون نسبة الأسر الأعلى دخلا البالغة 0.1 في المائة)، سيتم تحديد الزيادة في قيمة أسهمهم وأوراقهم المالية المتداولة بشكل معلن بحسب «سعر السوق» وستفرض عليهم ضريبة سنوية، في حالة قيامهم ببيع مراكزهم بنهاية العام، بصرف النظر عما إذا كان قد تم بيع الأوراق المالية بالفعل أم لا. ويمكن فرض ضريبة على المكاسب الرأسمالية طويلة الأجل، بحيث تبقى معدلات الضرائب بحسب ما كانت عليه.

إننا نستطيع أن نطلق على هذه الضريبة اسم «ضريبة زوكربيرغ». وسيصبح زوكربيرغ بموجب هذه الضريبة مدينا بمبلغ إضافي قدره 3.45 مليار دولار عندما يتم طرح أسهم شركة «فيس بوك» للاكتتاب العام (وهذا المبلغ يمثل نحو 15 في المائة تقريبا من قيمة الأسهم التي يمتلكها، والتي تقدر قيمتها بنحو 23 مليار دولار). وبإمكانه أن يقوم ببيع بعض الأسهم لدفع الضريبة (وسيتبقى لديه أكثر من 20 مليار دولار من أسهم شركة «فيس بوك» بعد دفع الضرائب)، أو الاقتراض لدفع الضريبة.

وإذا انخفضت قيمة أسهمه في شركة «فيس بوك» في العام المقبل، فستتم إعادة أمواله إليه.

وقد اقترح الرئيس أوباما وضع قاعدة تسمى «قاعدة بافيت»، والتي لن يقل معدل الضرائب التي سيقوم المليونيرات بدفعها عن 30 في المائة، كحد أدنى. وعلى الرغم من أنه كان من الممكن أن تتضاعف ضرائب بافيت، في ظل هذه القاعدة، لتصل إلى 12 مليون دولار في عام 2010، إلا أنها لن تكون زيادة ضريبية ذات أهمية بالنسبة له. وإذا ما كان قد تم تطبيق «قاعدة بافيت» في عام 2010، فإن معدل ضرائب بافيت الفعلية كان سيكون فقط نحو 2 في المائة من قيمة ممتلكاته التي تقدر بـ8 مليارات دولار. وكانت «ضريبة زوكربيرغ» ستكون أفضل من ذلك بكثير، حيث كان بافيت سيدفع بموجبها 1.2 مليار دولار كضرائب في عام 2010.

ومن شأن فرض نظام ضرائب وفقا لسعر السوق على أعلى واحد من عشرة من 1 في المائة جمع مئات المليارات من الدولارات من العائدات الجديدة على مدى السنوات الـ10 المقبلة. ويمكن استخدام هذه العائدات الجديدة لخفض الضرائب على الرواتب، وتوسيع نطاق الخفض الضريبي الذي قام به جورج بوش، وإلغاء ضريبة الحد الأدنى البديلة، وتخفيض العجز في الميزانية، ومنع التخفيضات العسكرية، أو مزيج من كل ما سبق. ولن تؤثر هذه الضريبة على الطبقة الوسطى، أو حتى على معظم الأثرياء من الأميركيين. كما أنها لن تؤثر على أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة. فهي ستؤثر فقط على الأفراد الذين لا يوجد شك في كونهم أثرياء بشكل غير عادي، حيث لن تفرض ضريبة بحسب سعر السوق إلا على الأسهم المتداولة بشكل معلن فقط.

وقد يرى البعض أنه أمر غير عادل في جوهره أن يتم فرض الضرائب على «المكاسب» التي لا تعدو كونها مكاسب على الورق لم تتحقق بعد، حيث لن يحصل زوكربيرغ على الـ28 مليار دولار نقدا، بل هو يمتلك فقط أوراقا بقيمتها. كما تعد الأسواق، بالإضافة إلى ذلك، متقلبة بطبيعتها، والمكاسب التي تتحقق على الورق فقط في أحد الأعوام هي خسائر حقيقية في عام آخر. ولكن هذه الحجج تكون، مع ذلك، أقل مصداقية، عندما تؤدي الخسائر المقيدة على الورق إلى استرداد الضريبة الحقيقية. وستكون الضريبة بحسب سعر السوق، علاوة على ذلك، بمثابة الحافز المالي في أوقات التراجع الاقتصادي، حيث تعمل المبالغ النقدية المستردة على معادلة التراجع في أسواق الأسهم.

ويتبع هذا الاقتراح الجديد نموذج رونالد ريغان، من خلال قيامه بتوسيع «قاعدة» الضرائب من دون زيادة معدلاتها. وقد كان ريغان مسؤولا، في الواقع، عن الإصلاح الرئيسي الأخير لنظام تحقق الإيرادات العتيق، عندما وقع قانونا يلزم دافعي الضرائب بدفع ضريبة على الفوائد التي تراكمت على السندات ولكنها لم تدفع.

وسيكون التأثير الأكثر عمقا للضريبة المحددة وفقا لسعر السوق هو تحقيق المساواة بين من يعملون مقابل أجر، من جهة، والمؤسسين والمستثمرين من جهة أخرى. ولن يكون بإمكان ذوي الثراء الفاحش من حاملي الأوراق المالية المطروحة للتداول العام الهروب، بعد الآن، من دفع ضرائب على ثرواتهم الضخمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»

* ديفيد ميلر هو محامي ضرائب