«إنسان»؟.. وكمان «عربي؟»

TT

هناك أزمة كبرى في علاقة المواطن العربي بأجهزة الدولة. وتكمن هذه الأزمة في مسألة الثقة المتبادلة بين الطرفين.

فالمواطن مدان حتى تثبت إدانته وليس متهما حتى تثبت براءته. والمواطن عندنا كاذب حتى يعترف وليس صادقا حتى يثبت العكس، ومتآمر على النظام حتى يقول - تحت التعذيب - أسماء التنظيم الذي ينتمي إليه، وليس صديقا للنظام يؤمن بالدولة والشرعية والقانون.

ودائما المواطن عندنا على خطأ!

في دولة «متخلفة» مثل سويسرا يرسل المواطن بنفسه عبر البريد أو الإنترنت إقراره الضريبي الذي يضع فيه بخط يده كل ثروته ودخله خلال العام المالي المنتهي، وتقوم هيئة الضرائب بقبول الإقرار كما هو.

ومن ضمن مئات الآلاف من دافعي الضرائب من سويسرا يتم عبر الكومبيوتر اختيار مجموعة محدودة من أصحاب الإقرارات كعينة عشوائية يتم التدقيق الشديد في إقراراتهم، إذا ثبتت صحتها يتم توجيه خطاب شكر لهم، وإذا ثبت كذبهم يدخلون في نفق العقاب القانوني الصارم.

إذن المبدأ أن المواطن صادق وملتزم، وبناء عليه تعامله أجهزة الدولة بكل الاحترام الذي يليق به.

في سويسرا أيضا يوجد في كل قسم شرطة صندوق بريدي خاص للنشالين يقومون فيه بعد سرقة حقيبة أو حافظة نقود بإرسال الأوراق الشخصية المهمة التي لا نفع للنشال بها، مثل الهوية أو رخصة القيادة أو صورة نادرة للوالدة أو شهادة ميلاد الأولاد.

والنشال السويسري يلتزم بهذا الكود الأخلاقي في إرسال هذه الأوراق، فهو يريد مالك وليس تعذيبك في دوائر البيروقراطية تطبيقا للمثل المصري «موت وخراب ديار».

إن أسوأ ما تعرض له الإنسان العربي في جمهوريات الانقلابات والثورات العربية هو حرمانه من الإحساس بعروبته وإنسانيته، وبعد ذلك يطلق عليه لقب «الإنسان» موصوفا بـ«العربي»!