مصر «بتحكي لبناني»!

TT

تخرج مصر من حالتها الإندونيسية لتصل اليوم إلى حالتها اللبنانية، كي تصبح على مفترق طرق، إما أن تصل إلى الحالة التركية أو الحالة الباكستانية!

عبارة معقدة تحتاج إلى شرح تفصيلي.. أليس كذلك؟

الحالة المصرية منذ عام 1952 هي حالة سيطرة مؤسسة عسكرية مرتبطة بحالة زواج كاثوليكي بشبكة مصالح وعلاقات مدنية، ظلت جميعا تدافع عن بعضها البعض حتى جاءت ثورة يناير 2011.

ظنت المؤسسة العسكرية أن الثوار يريدون إسقاط النظام، بمعنى إسقاط الرئيس وجماعته، لكن بعد أسابيع قليلة اكتشفوا أن مطلب الثوار هو حكم المؤسسة العسكرية الراسخ منذ 1952 واقتلاع كل جذوره وأذرعه الممتدة في كافة مؤسسات الدولة وفي كل أجهزة الأمن والسيطرة على البلاد. تلك كانت مرحلة شبيهة بمرحلة عسكر سوكارنو وسوهارتو في إندونيسيا. الآن ومنذ 6 أشهر تحولت البلاد رويدا إلى المرحلة اللبنانية بالمواصفات التالية:

1- دخول المال السياسي بقوة دون خجل إلى «معظم» القوى السياسية اللاعبة على السطح، وظهر ذلك بقوة في أساليب الإنفاق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

2- كثرة زيارات قوى سياسية إلى عدة عواصم عربية بمعدلات أصبحت شبه أسبوعية.

3- صدور تصريحات من بعض العواصم العربية والقنوات التابعة لها من موقع التوجيه الخارجي العلني بمنطق «الخليفة الذي يوجه رعاياه في الأمصار والتخوم التابعة له».

4- صراع القوى السياسية الحالي، والتي يرتبط كل طرف فيها بطرف خارجي، ولديه مرشح رئاسة خاص به، وبالتالي يمكن فهم الصراع على «التوافق» على مرشح رئاسة اليوم بأنه صراع إرادات بين ممولين خارجيين لقوى داخلية.

من هنا تحولت مصر من الإندونيسي سابقا إلى النموذج اللبناني حاليا الذي يطبق مبدأ «حرب الغير وصراع قوى الخارج على أرض الوطن». ذلك كله بعد انتخابات الرئاسة سوف يؤهل البلاد إلى: إما أن تصبح نموذجا في التنمية والتطور مثل تركيا أردوغان، وإما الوصول إلى نموذج شبكة مصالح بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الدينية مثل باكستان برويز مشرف!

ذلك كله يعتمد على ما يحدث هذا الشهر ريثما يتم غلق باب مرشحي معركة الرئاسة.

رئيس مصر المقبل، للأسف لن يختاره بالدرجة الأولى شعبه ولكن قوى أخرى من خارجه!

وبناء عليه يمكن معرفة أي مستقبل ينتظر البلاد!