فن الشتائم!

TT

من القصص المأثور عن روما القديمة أن القيصر تلقى شكوى من شرطة البلاد أنهم يفاجأون كل صباح بوجود مخلفات الماشية تلوث وجوه تماثيل الآلهة في أكبر ميادين العاصمة.

وبالطبع انزعج القيصر انزعاجا شديدا وطلب من رجاله التخفي في جوف الليل من أجل التمكن من معرفة الجناة الذين يتجرأون على تماثيل الآلهة الرومانية.

وبالفعل تم ضبط خباز روماني وهو يقوم بتلطيخ وجوه التماثيل بروث الماشية.

وتم اقتياد الخباز إلى القيصر مقيدا بالسلاسل، وحينما سأله القيصر، كيف تتجرأ أيها الرجل على إهانة تماثيل الآلهة؟

رد الخباز في هدوء: أعدك بالإجابة عن هذا السؤال يا مولاي، ولكن أريد أن يكون ذلك في المدرج الروماني الكبير الذي يحضره كل أهل روما صباح كل أحد.

وفي اليوم الموعود، وأمام القيصر، وكل أهل روما، وقف الخباز حتى يحكي قصته.

قال الرجل: سيدي القيصر، يا أهل روما العظام، أنا «لويجي» الخباز، لا أحد منكم كان يعرفني حتى هذا الصباح، الآن كل طفل وشيخ، كل رجل وامرأة، كل حاكم ومحكوم في روما يعرفني.

ثم أضاف: «لقد فعلت فعلتي الشائنة هذه حتى أصبح مشهورا، فلم يكن لدي أي عمل إيجابي يجعلني شهيرا لذلك تجرأت على الآلهة».

هذه القصة على بساطتها لكنها تعكس حالة من الحالات التي نعانيها؛ حالة الانفلات الفكري والسياسي التي تصل بالبعض إلى السباب والتعدي على أقدار الآخرين وكراماتهم.

منطق هذه الأعمال الجنوني، هي «ابحث عن أكبر رأس في مكان ما وقم بسبه وبالتهجم عليه بقوة، تستطيع بذلك الفعل أن تصبح في مستواه وأكثر».

قبل الشتيمة لم يكن أحد يعرف فلانا، وبعد أن شتم شخصية مشهورة أصبح معروفا بأنه الرجل الذي شتم فلانا المعروف في المجتمع.

من حق الجميع أن يختلف مع من يشاء ولكن ليس من حقه أن يسب من يشاء، هذا أمر نهى عنه الدين، والمنطق، والأخلاق.

حرية الرأي شيء، وحرية السباب شيء آخر.