لقاء مع أبو مازن

TT

جمعني لقاء مع صديق عزيز هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أثناء زيارته للقاهرة. وما بين اللقاء الخاص والحوار التلفزيوني الذي أجريته معه لاحظت أن الرجل الذي عرفته منذ أكثر من ربع قرن لم تغيره المناصب، والمسؤوليات، ولا التحديات الصعبة.

منذ أكثر من 55 عاما وأبو مازن يؤمن بمجموعة من القناعات يمكن إجمالها على النحو التالي:

1 - هو «فتحاوي» حتى النخاع.

2 - رغم انتمائه لحركة فتح فإنه دائما له رؤية مستقلة بشأن بعض أساسيات حلم الوطن الفلسطيني.

3 - منذ عام 1977، في المؤتمر الخاص بالمجلس الوطني الفلسطيني بالقاهرة، وفي الوقت الذي كان فيه الحديث عن التفاوض جريمة نكراء في الثقافة السياسية الفلسطينية، ظل الرجل يصرح علنا بأن أي نضال لا بد أن ينتهي حتما بالجلوس على مائدة تفاوض لانتزاع الحقوق.

وفي حواري معه منذ ساعات أكد لي أبو مازن أنه يحلم بالتقاعد وعدم ترشيح نفسه مرة أخرى لرئاسة الدولة الفلسطينية.

وحينما قلت له مازحا إن التاريخ العربي المعاصر يؤكد لنا أنه لا يوجد رئيس يترك حكمه طواعية، قال في ثقة شديدة «لقد فعلها المشير سوار الذهب، وسوف أفعلها من دون أي تردد».

ولا يرى أبو مازن أي جدوى حقيقية من استمرار لعبة أو تمثيلية التفاوض التي يمارسها نتنياهو، مؤكدا أن الجلسات الخمس التي تمت بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني مؤخرا في عمان أكدت أن الجانب الإسرائيلي ليست لديه أي جدية في إحراز أي تقدم حقيقي.

وشدد أبو مازن على أن الأيام القليلة المقبلة سوف تكشف عن خطوة فلسطينية كبرى تعكس الامتعاض الفلسطيني من أكذوبة لعبة التفاوض الإسرائيلية.

وبالنسبة للموقف الأميركي أكد أبو مازن أن كل لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين مؤخرا أكدت أن واشنطن ستظل منشغلة ولفترة طويلة بملف الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقال لي «لقد سألتهم: وهل الانتخابات تؤخر إحراز تقدم في الملف الفلسطيني الإسرائيلي؟»، لكنه لم يجد إجابة شافية.

الانطباع الذي خرجت به وأنا أغادر مقر إقامة الرئيس الفلسطيني بالقاهرة أن عام 2012 لن يشهد، مثله مثل الذي سبقه، أي تطور في المفاوضات، وأن مشاكل المنطقة الإقليمية وعلى رأسها الملف الإيراني هي التي ستحصل على اهتمام العواصم الكبرى.