العشاء الأخير لفخامة الرئيس!

TT

جلس الحاكم أمام جهاز التلفزيون يشاهد، مع مجموعة من مساعديه، نشرة الأخبار المحلية.

كانت النشرة تحتوي على مجموعة من الأخبار السيئة لفخامته؛ الخبر الأول يتحدث عن إضراب في مدينة صناعية، والثاني يذيع بيانا للمعارضة تتهم فيه الحكومة برعاية الفساد، أما الخبر الثالث فهو يعلن وفاة مجموعة من المواطنين لأنهم تناولوا دجاجا مسموما انتهى عمره الافتراضي، على الرغم من أن الجهة التي استوردته هي جهة حكومية!

وجاء الخبر الأخير، وهو خبر رياضي، ليعكر صفو الجميع، معلنا هزيمة الفريق القومي لكرة القدم أمام فريق دولة مغمورة بعشرة أهداف مقابل لا شيء!

رفض الحاكم العشاء الذي وضعوه أمامه، قائلا في غضب: «ما هذا؟ لا يوجد خبر واحد إيجابي في هذه النشرة؟! كل شيء في هذا البلد سلبي أو أكثر سلبية؟!».

رد المساعد الأول: «يا سيادة الرئيس، لا تصدق كل ما تراه في النشرة، هؤلاء الشباب الذين تراهم في جهاز التلفزيون الحكومي من المعارضة التي باعت ضمائرها للخارج، وهم يسعون لتأليب الرأي العام على فخامتكم».

هنا تدخل المساعد الثاني ملتقطا الخيط: «يا سيدي، الشعب كله يعرف إنجازاتك العظيمة، وهو بالتأكيد لن يصدق تلك الأكاذيب والأضاليل».

وتدخل المساعد الثالث: «أنت في سويداء القلب يا سيادة الرئيس، بالأمس قابلت مجموعة من طلاب الجامعة وحمّلوني وثيقة مبايعة مكتوبة بالدماء، يعلنون فيها الولاء الكامل والتأييد المطلق لسياسات فخامتكم الحكيمة».

وتدخل وزير مسؤول عن الثقافة والإعلام مؤكدا أن مجموعة من كبار المطربين والمطربات، من المشهود لهم بالوطنية، يعدون الآن أوبريت رائعا بعنوان: «أنت أنت ولا انتش داري، يا زعيمي وحافظ داري».

فكر الرئيس بعمق فيما يقولون وسألهم: «إذن كل ما أسمعه وأراه من اعتراضات أكاذيب ومبالغات؟».

رد الجميع في آن واحد: «بالتأكيد يا سيدي، أنت الحائز على قلوب الملايين من شعبك يا فخامة الرئيس، اطمئن تماما يا سيدي».

نظر الرئيس إليهم في صمت عميق، ثم تأمل طعام العشاء، ثم مد يده إلى طبق «محشي الباذنجان»، وأمر الجميع بالبدء في تناول الطعام، مرددا بصوت عال: «بسم الله.. والحمد لله».