بابوره رايح بابوره جاي

TT

منذ أن طلب مني السفير السعودي الأسبق لدى الإمارات، باسم المودة، أن أكف عن الاستشهاد بشكسبير (ويليام) أواجه مآزق كثيرة، كما هو حالي هذا النهار: بمن أستعين؟ كيف أدلل على خروج فلاديمير بوتين من نافذة الكرملين الشمالية ودخوله من باب الكرملين الغربي؟ شكسبير عنده مائة وصفة في مثل هذه الحالات، مثل الملح والبهار. لكن ماذا أفعل وأنا لا أريد إغضاب معارضيه من الأصدقاء؟

أنا أعرف أن الرفيق فلاديمير رجل ديمقراطي حر وأبي. وعلى سبيل المثال أبى أن يدخل الكرملين قبل أن يبيد غروزني، عاصمة الشيشان، عن بكرة أبيها. ومثل قادة الديمقراطية العرب، يرفض صاحبنا المس بالأصول ويصر على الوصول إلى كل مكان على ظهر صندوق اقتراع. هكذا لا يخرج من الكرملين بدافع المحافظة على الدستور حتى يعود إليه على أكف الاقتراع المباشر، كما في سويسرا وبريطانيا والسويد.

وما بين خروج الضابط المتقاعد وعودته، أفكر في العودة إلى شكسبير لأنتقي دلالة من هنا أو هناك: ماكبث.. هاملت.. الملك لير! لكنني لا ألبث أن أتذكر طلب السفير السعودي الصديق، وهو عسكري سابق. والعسكر لا يمزحون، حتى بعد الذهاب إلى التقاعد. فماذا أفعل؟

كان يفترض أن أنتظر لأرى ما رأي الزميل العزيز مشعل السديري في الموضوع. وسواء أكان له رأي في ذلك أم لا، فإن قراءته متعة في هذا الزمن الصعب وفي سواه. لكن السديري في هذه الأيام واجب وليس متعة فقط. فمن يحمل الصحيفة كل يوم ويراها محملة بكل هذا النكد العربي، ويرى أننا نسمي الدماء والموت والقهر ربيعا، لا بد أن يسارع إلى البحث عن زاوية مشعل، وما تحمل من انفراجات وابتسامات. ومثل كبار الساخرين، غالبا ما يسخر كاتبنا من نفسه ويحملها ما ليس فيها، لكن كما يفعل المسرحيون، يقدم للناس دوما ابتسامة ما، أو باقة ابتسامات، بصرف النظر عن مزاجه ذلك النهار. كم هي متعبة مهنة الابتسام.

وما بين الحرمان من شكسبير وفي انتظار رأي مشعل، لم أجد ما يشبه رحلات بوتين في الكرملين سوى أغنية عمر الزعني: بابوري رايح رايح، بابوري جاي!