عرض إيراني وتردد أميركي!

TT

الموقف الإيراني من نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن اعتباره من المواقف المبدئية الخالصة للجمهورية الإيرانية الإسلامية!

ما تسرب عبر وثائق «ويكيليكس» يؤكد عدة معلومات خطيرة تكاد ترقى إلى حد الحقائق المؤكدة؟

المعلومة الأولى تتحدث عن اتصالات إيرانية داخل بيت أسرة الأسد لإحداث تغيير للدكتور بشار وإقناعه بالتخلي عن السلطات لصالح «آخر» من داخل البيت «الأسدي». وبالطبع فإن هذه المعلومة تؤكد حرص طهران على استمرار البيت الأسدي بما يعنيه من فكر ومصالح وطائفة، بصرف النظر عن طبيعة الشخص ذاته فالذي يهم طهران هو استمرار تركيبة النظام وشبكة تحالفاتها الداخلية والإقليمية.

أما المعلومة الثانية التي جاءت في «ويكيليكس» فهي قيام إيران بعرض سياسي للولايات المتحدة الأميركية بمد جسور بين دمشق وواشنطن عبر قناة إيرانية للبحث عن مخرج للأزمة السورية يضمن عدم تسليم الحكم إلى تيار سني متشدد.

التاجر الإيراني يبيع ويشتري مع أي طرف في هذا العالم طالما أن السعر مناسب والبضاعة مغرية والتوقيت مواتٍ.

التاجر الإيراني سبق له في صفقة «إيران غيت» في عهد الرئيس ريغان أن باع واشترى مع الأميركيين في حضور طرف إسرائيلي!

الأمر الذي لا يلتفت إليه الجانب الإيراني جيدا هو أن التقارير الواردة إلى واشنطن والتي يتم تداولها في البنتاغون وفي لجان الدفاع والأمن بالكونغرس الأميركي تؤكد 3 معلومات بالغة الخطورة:

1) أن طهران على بعد خطوة واحدة من الدخول في منطقة القدرة على التخصيب النووي.

2) أن البرنامج النووي السلمي المزعوم لدى الجانب الإيراني هو في حقيقته برنامج عسكري في كافة جوانبه.

3) أن المعلومات التي وفرها رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي أثناء زيارته السرية لواشنطن منذ ثمانية أسابيع أكدت القلق الإسرائيلي المتعاظم من خطوات التسارع الإيرانية في برنامجها النووي.

السؤال المهم الآن هو: هل يقوم التاجر الإيراني بمقايضة بعض الأوراق الرابحة في العراق وسوريا وحزب الله مع الإدارة الأميركية مقابل تمرير هذه الإدارة مشروع تنمية البرنامج النووي الإيراني وفق بعض الشروط والقواعد؟

إذا كان هذا ما يريد الجانب الإيراني أن يعرضه على واشنطن، فهل يرغب أوباما المنشغل تماما بمعركة رئاسته الثانية بالعرض الإيراني؟

أرجو من القراء الذين يستغربون هذه المعلومات أن يدركوا أن واشنطن وطهران تعودتا على لعبة البوح في العلن بمواقف، ثم القيام سرا عبر القنوات الخلفية باتخاذ مواقف مغايرة تماما.

إنها لعبة تاجر سجاد إيراني، وراعي بقر أميركي!