شعب عظيم ولذيذ!

TT

الشعب المصري شعب مميز في قانون الفعل ورد الفعل تجاه الأحداث الجسام والمصائب الكبرى.

هذا شعب يتوحد في الأزمة ويختلف عند انفراجها!

والذي تابع رد الفعل الشعبي تجاه وفاة البابا شنودة الثالث، بطريرك الأقباط، سوف يدرك أن حالة الحزن العام والشعور «بفقدان شخصية تاريخية غالية على قلوب المصريين» كانت حالة عامة على المسلم والمسيحي على حد سواء.

غالبية المصريين شعروا بالخسارة، وأظهروا مشاعر الحزن والتعاطف، إلا بعض «السخافات» التي تدل على مزيج من التطرف والجهل من قبل بعض التيارات الدينية المتخلفة، والتي أدانها المسلم قبل المسيحي. هذه الحالة التي ظهرت يوم تنحي الرئيس جمال عبد الناصر، وعقب محاكمات الطيران عام 1968، والتي ظهرت عند وفاة ناصر، ثم في مظاهرات الحرب ضد السادات ثم في روح أكتوبر 1973، ثم عادت وظهرت في مظاهرات الخبز في يناير (كانون الثاني) 1977، وفي صمت البلاد عند جنازة السادات عام 1981، وظهرت مرة أخرى عند محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس بابا، ثم الحزن على وفاة حفيده، وأخيرا عند الثورة عليه في يناير 2011. إن التأمل العميق لسلوك الجماهير في مصر يحتاج إلى جهود مائة عالم اجتماع سياسي يتفرغون لمعرفة الإجابة عن سؤال الأسئلة في تاريخ مصر وهو:

ما هو قانون الفعل وقانون رد الفعل عند الشعب المصري؟ ما الذي يجعله يثور على الحاكم وما الذي يجعله يضعه في مصاف الفرعون؟

إن الفهم الحقيقي لهذا الموضوع هو أدق وأعمق وسيلة للتعامل مع مسألة صناعة القرار في مصر. وفي الوقت الذي تصبح فيه معركة الرئاسة على بعد عدة أسابيع، يتعين على من يسعى إلى سدة الحكم في مصر أن يعرف بالدقة طبيعة الشعب الذي يسعى إلى قيادته.

المثير أن أهم المتغيرات التي طرأت على الشخصية المصرية عقب ثورة يناير 2011 هي: نهاية مرحلة تقديس الحاكم، ونهاية مرحلة الهيبة الشديدة لرموز الحكم، وأخيرا شدة التجرؤ على الدولة ورموزها سواء كانت الجيش أو الشرطة أو سلطة القضاء. ومن علامات الشخصية المصرية التي لا تضيع أبدا هي السخرية حتى في أقسى الأزمات!

والنكتة الأخيرة التي أطلقها الفكاهي المصري المجهول على الرغم من الحزن الشديد على وفاة البابا تقول: «إنه بعد خلو الكرسي البابوي بوفاة البابا شنودة الثالث فإن حزب الحرية والعدالة، حزب الإخوان، تقدم بمرشح مسلم من أعضائه لقيادة الكنيسة القبطية!». والنكتة الأخرى أن حزب الإخوان تقدم للانتخابات داخل المجمع المقدس (مجمع الكنيسة القبطية) وأكد أنه لن يسعى إلا للحصول على ثلث المقاعد فقط!