الولايات المتحدة قادرة على تشكيل فارق في سوريا

TT

على مدى أكثر من عام أكدت لي (ولكم) أفضل العقول في واشنطن أن نظام بشار الأسد على وشك السقوط. هذه التأكيدات دائما ما كانت تطرح بثقة كبيرة، بيد أن الأسد النحيل، طبيب العيون الذي يرتدي قناع طاغية لا يزال يواصل ذبح شعبه ويدمر ويخرب أحياء بأكملها، وشجع الجامعة العربية والأتراك وحتى الاتحاد الأوروبي - في إجراء كان من الواضح أنه يهدف إلى التأثير على الأسد - على منع زوجته من التسوق عبر القارة. كان شيرمان على صواب فالحرب جحيم.

عندما أبعدت عنه بطاقته الائتمانية، واصل الأسد حربه التي حصدت زهاء 10,000 شخص، وما يزيد على 100,000 لاجئ، وتسببت في مأساة واسعة النطاق في سوريا. لكنها أماطت في الوقت ذاته «لثام الخوف»، التعبير الذي صاغه مساعد وزير الخارجية الأسبق جيمس روبين. وقد استخدمه للإشارة إلى الاعتقاد الذي شاع في السابق بأن عائلة الأسد لا تقهر وأن تحديها سيأتي بنتائج وخيمة للغاية. هذا الاعتقاد لم يعد قائما، فعدد كبير من الأفراد يتحدونهم منذ فترة الآن. كانت التكلفة كبيرة، لكن الثورة تستمر رغم ذلك، وقد تمزق اللثام.

ما تبدد أيضا هو الاعتقاد الساذج بأن الأسد سيسقط في سوريا كما سقط حسني مبارك في مصر، وينتهي به المطاف إلى قفص الاتهام. لكن مبارك ما كان أو لم يكن ليستخدم القوة المفرطة ضد شعبه. أما الأسد فقد فعلها وسيواصل القيام بذلك أو إلى أن تقود الولايات المتحدة جهود التخلص منه. فمن الواضح أن السعودية أو تركيا لا تودان الاضطلاع في هذه المهمة.

وكما هو الحال في ليبيا، هناك أسباب لعدم التورط في الحرب، فالبعض يرى أن سوريا ليست معركتنا. لكن مع وجود الكثير من الأرواح البريئة على المحك، فليس هناك خطأ في استخدام القوة الأميركية في القضايا الإنسانية، فلم يكن للولايات المتحدة ناقة أو جمل في البلقان، لكنها أنهت الرعب هناك عبر قصف مواقع الجيش الصربي ثم صربيا نفسها. تلك العملية كانت قصيرة بالكاد - استمرت 78 يوما - لكنها لم تكلف الولايات المتحدة روحا واحدة، ونفس الشيء كان في ليبيا، لم تفقد الولايات المتحدة جنديا واحدا.

يمكن أن تشكل القوة الجوية الأميركية فارقا في سوريا. فهي قادرة على الحد أو وقف الدمار الذي تسببه مروحيات ودبابات الأسد، على الرغم أن ما ذكر عن استخدام الأسد للأفراد كدروع بشرية ووضع الأطفال على الدبابات يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة. رغم ذلك، لم يتمكن هذا النظام خلال عام من هزيمة معارضة منقسمة ومشتتة، وربما يمكن هزيمتها بسهولة.

إذا ما تحركت الولايات المتحدة في النهاية، ستلحق بها روسيا. ويا للأسى، لكن الأهم من ذلك ستكون إيران. سوريا من الناحية الافتراضية دولة دمية، وسقوط نظام الأسد سيشكل ضربة قوية لإيران. وستكون من ناحية أكثر براغماتية نعمة لإسرائيل، فإيران تمد حزب الله وحماس بالسلاح والمال عبر سوريا. ويمكنك توقع أي شيء عدا مستقبل الشرق الأوسط، غير أن إسقاط نظام الأسد سيكون له نتائج مشجعة للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

الحجة ضد تحرك الولايات المتحدة - تسليح الثوار وإقامة منطقة حظر للطيران أو حتى القصف - هي أن المنحدر الزلق يلوح في الأفق، لكن بيل كلينتون لم ينزلق في البلقان - فلم تطأ قدما جندي أميركي هناك - وكذلك لم يفعل أوباما في ليبيا. هذه العمليات يمكن احتواؤها.

ما يثير الحزن هو أن الدروس المستفادة من البوسنة تم تجاهلها، فرفض تسليح المعارضة لن ينهي الصراع أو يحد منه، ولكنه سوف يستمر. وفرض منطقة حظر للطيران يعني اختيار لاجئين محتملين وإقامة مسارح للقتل - أتذكرون سربرينيتسا التي قتل فيها 8,000 مسلم؟ الأسد يملك الكثير من الأسلحة الكيميائية، وهي بحاجة إلى التأمين.

فرض الغرب عقوبات على سوريا، وستؤتي هذه العقوبات ثمارها دون شك، فقد انخفضت قيمة العملة إلى أدنى مستوى لها وسرعان ما سيصبح التهريب الشركة رقم 1 في البلاد. وقد أعلنت أميركا الآن أنها ستقدم مساعدات غير قتالية للمعارضة.

هذا سيساعد دون شك، لكن التردد تجاه تدخل حقيقي - المناشدة الواضحة للأسد سيئ النية هو أن يكون صاحب قلب - يجب أن يتوقف. أوباما سيتلكأ وستفقد الأرواح. في ليبيا كان أوباما يقود من الخلف وفي سوريا لم يتول القيادة على الإطلاق.

* خدمة «واشنطن بوست»