تركيا بين «البيزنس» والسياسة!

TT

محركات السياسة الخارجية التركية تجاه العالم العربي والشرق الأوسط تعاني من خلل شديد، مما يدفعها الآن إلى هبوط اضطراري لإعادة تقييم الموقف.

كان مهندس السياسة الخارجية التركية داود أوغلو يراهن دائما على مبدأ القنوات المفتوحة مع الجميع من خلال جسور «البيزنس» والاتفاقات الخارجية.

والمثير للتأمل أن الحكومة التركية كانت أكثر من وقع اتفاقات تجارية ثنائية مع دول العالم في الأعوام الأربعة الأخيرة.

دخلت السياسة الخارجية التركية في شبكة مصالح معقدة ومتعددة ومتنافرة، فمن الصعب مثلا أن تجد دولة لديها خطوط تجارية مع إيران وإسرائيل في آن معًا وبالقوة نفسها، أو لديها معاملات تجارية مع الولايات المتحدة وفنزويلا، وأفغانستان وباكستان، والهند وبنغلاديش، والعراق وسوريا، وحماس والسلطة، وليبيا القذافي وليبيا الثورة!

فكرة الإمساك بالعصا، ليس من المنتصف، ولكن من كل الأماكن، قد تبدو مغرية للوهلة الأولى، لكنها في النهاية تصل بصاحبها في مرحلة ما إلى لحظة تصادم أو تناقض.

الآن تركيا التي كانت تدعم الأسد، أصبحت مضطرة إلى مآزرة الثورة.

تركيا التي وقعت مع إيران اتفاقات تجارية بالمليارات في مأزق بسبب فرض العقوبات الدولية على طهران.

تركيا التي ساندت القذافي، لديها مشكلة مع الثوار بسبب تضارب المواقف وتأخر التأييد التركي للثورة، بينما كان داود أوغلو أول من سارع عقب الثورة للحصول على جزء من كعكة الإعمار الليبي.

أخطر المواقف والمآزق التي واجهت الخارجية التركية هو المأزق السوري، وذلك لـ3 أسباب:

الأول: أن هناك انقساما سياسيا داخل المعارضة التركية ضد سياسة حزب أردوغان تجاه سوريا، بالإضافة إلى الاعتراضات من القوى العلوية التركية والأكراد الأتراك على سياسة أنقرة حاليا خوفا على مستقبل أكراد وعلويي سوريا في ظل حكم سني متشدد دينيا.

الثاني: رغبة واشنطن في استخدام سياسة العقوبات والحصار الاقتصادي دون الوصول إلى حالة التصعيد العسكري ضد سوريا حتى نهاية عام انتخابات الرئاسة الأميركية.

الثالث: الضغط الإيراني على تركيا التي تستورد من طهران 51% من احتياجاتها من النفط والغاز، وعدم رغبة تركيا في الصدام مع روسيا صاحبة الشراكة التجارية الأساسية والمؤثرة على القطاع الخاص التركي وطبقته النشطة والمؤثرة.