مجلس الأمن الدولي للفتوى!

TT

هذه ليست طرفة، ولا سخرية، بل هي عطف على حديث وزيرة الخارجية الأميركية التي تقول بأن هناك مؤشرات إيرانية على مقترحات جيدة بشأن التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وأن هناك فتوى إيرانية بتحريم امتلاك السلاح النووي، ولذا فطالما أنه يؤخذ بالفتاوى في السياسة فيستحسن إذن تأسيس مجلس أمن دولي للفتوى!

فإذا كانت إيران تستخدم الدين، والطائفية، وحتى القضية الفلسطينية، كأوراق تلعب بها بالمنطقة طوال ثلاثة عقود، ومنذ الثورة الخمينية، لضمان تغلغلها في المنطقة، وتفتيت الدول العربية من الداخل، كما تفعل في العراق واليمن، وقبلهم لبنان بالطبع حيث حزب الله، بل وقسمت طهران الفلسطينيين، وكل ذلك باسم الدين، والطائفية، فكيف يمكن الوثوق اليوم بقول مرشد إيران بأن هناك فتوى تحرّم امتلاك السلاح النووي؟ فلو كان الدين هو مصدر الثقة بإيران لما قامت طهران بخلق الفتن، والنزاعات، في الدول الإسلامية «الصديقة والشقيقة»، ولو كان الدين هو الضمانة للسلوك الإيراني لما رعت إيران الإرهابي عماد مغنية، وما رعت، وتعاملت مع تنظيم القاعدة الإرهابي! فقد رعت، وتعاملت طهران مع إرهابيي الشيعة والسنة، على حد سواء طوال عقود، وهم الإرهابيون الذين تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء من كل ملة، ومن خلال عمليات إرهابية انتحارية، وغيرها، فكيف يمكن بعد كل ذلك الوثوق بطهران، وبضمانة فتوى دينية؟ كيف يمكن الاعتداد بفتوى صادرة من نظام لا يتوانى عن التعامل مع الإرهابيين، سنة وشيعة؟ حقا إنه عبث!

الإشكالية مع إدارة الرئيس الأميركي السيد أوباما أنها تريد اتباع سياسات قد تكون مقبولة لدى النخب الثقافية الحالمة، لكن ليس مع أنظمة تشربت الدهاء، والخداع، مثل النظام الإيراني، الذي ليس من أولوياته البناء، والانفتاح، والقيم الإنسانية، ورغد العيش لمواطنيه، أو حتى التسامح الديني، بل إن كل همّ النظام الإيراني، وآيديولوجيته، هي التوسع، والتغلغل، في دول أخرى، وبدوافع طائفية. ولأن ما يحكم العالم هو القوانين الدولية، والاتفاقيات، والأعراف، والمصالح، فمن العبث الحديث عن فتوى إيرانية عند التفاوض مع طهران، فالدول مثل الأفراد، لها سمعة وتاريخ لا يمكن تجاهلهما، فسمعة الدولة الشريرة، مثل سمعة الفرد الشرير، حيث من الصعب أخذهم بالأقوال، أو الفتاوى، بل بالأفعال، فعندما تتحدث السيدة هيلاري عن فتوى إيرانية فبالتأكيد أنها لم تسمع من قبل عن «التقية» الإيرانية! فلطهران تاريخ من الوعود، والاتفاقيات، التي لم تلتزم بها، وأبسط مثال هنا هو زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران، ورغم كل الاتفاقيات الإماراتية - الإيرانية على التهدئة من أجل التفاوض، والتحاور، فإن طهران لم تحترم كلمتها، فإذا كان رأس الدولة لا يلتزم بوعد قطعه، فكيف تلتزم الدولة بفتوى؟

الحقيقة أن القول بأنه يمكن الاعتماد على فتوى بتحريم امتلاك السلاح النووي، يذكّر بالمثل الشعبي الذي يقول: «قيل للسارق: احلف، فقال: جاء الفرج»! فإذا كانت هذه الفتوى هي إحدى حيثيات التحاور مع إيران، فوالله إننا مقبلون على كارثة حقيقية في هذه المنطقة من العالم!

[email protected]