عنف لفظي ينذر بعنف دموي!

TT

حتى تعيشوا معي صورة مصر الآن تعالوا نحلل أحداث يوم واحد! في يوم واحد، كان يحدث الآتي:

1- محكمة القضاء الإداري تفصل في قضية جنسية والدة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لمعرفة ما إذا كانت أميركية الجنسية.

وينص الإعلان الدستوري الأخير على أن المرشح للرئاسة يجب ألا يكون قد حصل على جنسية غير مصرية طوال حياته، وأن يكون أي من أسرته وبالذات الأبوان من جنسية مصرية وألا يكونا قد حصلا على جنسية أخرى. وهذا في القانون يعتبر شرطا مانعا للترشح.

2- في ذات الوقت كانت محكمة أخرى تفصل في صحة ترشيح المهندس خيرت الشاطر، مرشح جماعة الإخوان (حزب الحرية والعدالة) لانتخابات الرئاسة. ولمن لا يعرف، فإن المهندس خيرت حصل على عفو عام من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القائم بإدارة شؤون البلاد منذ 11 فبراير (شباط) 2011. والذي كانت تبحثه المحكمة هو صحة أو بطلان حق المهندس خيرت بناء على قاعدة تقول هل العفو من ناحية الشكل والموضوع، من الناحية القانونية، يؤهله للترشح، خاصة أنها، أي المحكمة ذاتها، حكمت في قضية مماثلة ببطلان ترشيح الدكتور أيمن نور الذي حصل هو أيضا على عفو من المجلس العسكري.

3- في ذات اليوم كان البرلمان يناقش اقتراحا بصدور قانون تشريعي يمنع ترشيح أي من الذين خدموا في عهد الرئيس السابق والذين تقلدوا مناصب عليا في المواقع التالية: نائب الرئيس، رئيس وزراء، قيادات الحزب الوطني (الحاكم سابقا). وعاد البرلمان إلى عقد جلسة مسائية في ذات اليوم من أجل صياغة القانون.

4- في اليوم ذاته أيضا، كانت محكمة أخرى مستمرة في عقد جلساتها لبحث ونظر قضية ما يعرف بـ«موقعة الجمل» المتهم فيها كبار رجال العهد السابق.

5- في اليوم ذاته كانت هناك مشاجرة قانونية بين رئيس محكمة «موقعة الجمل» والمستشار مرتضى منصور المرشح المحتمل للرئاسة والمتهم في ذات القضية.

6- في مساء ذات اليوم تجمع أنصار حازم أبو إسماعيل أمام محكمته، وأنصار خيرت الشاطر أمام محكمته وأنصار مرتضى منصور أمام منزله.

7- في اليوم ذاته كانت محكمة في السويس تنظر قضية اتهام ضباط ورجال أعمال في قتل متظاهرين أثناء الثورة المصرية. هذا بعض من كل ذلك الجدل والصراع والتوتر الدائر في البلاد خلال أقل من 24 ساعة.

هذا الجدل والصراع الذي اتخذ المحاكم ساحة له، واتخذ من أعتابها وأبوابها ساحة للتظاهر أمامها، ينذر أن يتحول، في لحظة ما من التحول المخيف، من الصراع بالقانون في ساحات المحاكم إلى الصراع الدموي في شوارع البلاد. العنف اللفظي دائما مقدمة للعنف الدموي!