دموع.. ورصاص.. ورماد!

TT

حينما يعجز العقل عن العمل، يتوقف الحوار، وحينما يتوقف الحوار يبدأ الصدام اللفظي، ويكون ذلك مقدمة للصدام الدموي والتصفيات الجسدية. وكان بودي أن أنقل صورة وردية، بعد أعياد الربيع وشم النسيم، لدول الربيع العربي، لكننا - للأسف الشديد - على أعتاب أعمال عنف وتظاهر ودماء في المنطقة.

في تونس، سوف يستمر التصعيد الداخلي بين القوى السلفية المتشددة من ناحية؛ وحزب النهضة وتيارات الإسلام السياسي والقوى الليبرالية والاشتراكية من ناحية أخرى. وسوف يتعرض ما هو معروف في البلاد (الطريقة التونسية للحياة الاجتماعية) مثل رعاية الفنون والموسيقى والحريات الشخصية، لتهديدات ومواجهات داخل البرلمان الجديد وفي الشوارع والساحات والميادين، إلى الحد الذي ينذر بشهداء جدد وخسائر في مجال السياحة التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل في البلاد. وفي مصر، سوف تكون هناك ثلاث محطات خطيرة في منعطف مواجهات الشارع مع السلطات:

الأولى: أزمة الدستور أولا قبل انتخاب الرئيس، مما يجعل موعد تسليم السلطة كاملة قبيل 30 يونيو (حزيران) المقبل، موضع شك وخطر وهواجس.

الثانية: احتجاج القوى الشعبية من أنصار بعض المرشحين الرئاسيين الذين تم استبعادهم بشكل نهائي من معركة الانتخابات.

الثالثة: وذلك هو الأخطر، يوم إعلان المحكمة، إذا لم يؤجل، الحكم في قضية الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق ومساعديه.

والمقلق أنه إذا جاء الحكم القضائي غير مرضٍ لمزاج البعض أو رغبات أهالي الضحايا الذين فقدوا أعز ما يملكون، فإن ذلك قد يكون دعوة مفتوحة لإشعال الشارع المصري مرة أخرى.

أما ليبيا، فإن التقارير الواردة تتحدث عن الفشل الكامل في مشروع نزع السلاح الموجود بأعداد مخيفة في أيدي القبائل والثوار الذين كانوا يحاربون نظام القذافي. كثرة هذا السلاح، دون سيطرة أمنية، ودون وجود مشروع سياسي، هذه العوامل تدفع بالبلاد إلى حرب أهلية قبلية مخيفة.

أما الوضع في اليمن، فإنه ينذر بانفصال الجنوب عن الشمال؛ إما بطبيعة الأمر الواقع، أو باضطرار السلطة المركزية في صنعاء إلى الدفاع عن الدولة الموحدة، مما قد يجرها جرّا إلى استخدام الجيش اليمني لفرض الأمر الواقع.

أما سوريا، فإن الحزن يدفع بالإنسان إلى محاولة رفض تخيل فداحة الفاتورة التي سيدفعها الجميع نتيجة جنون نظام الحكم في دمشق للاستمرار في إدارة شؤون البلاد عبر فوهة البندقية وعلى بساط من الدماء الساخنة.

هناك مخاطر شديدة لنقل الحالة السورية إلى الساحة اللبنانية، بالذات في مناطق الشمال بين أنصار سوريا من ناحية؛ وخصومها من قوى السنة المتشددة من ناحية أخرى، وهناك عودة صريحة إلى فتح ملف الاغتيالات السياسية لتصفية من لم يتم اغتياله بعد في لبنان!!