الاختراع السياسي الإيراني!

TT

يستمر النظام الإيراني في إرسال خطابات سياسية ديموجاجية رغم أن العارف ببواطن الأمور يدرك أن «تاجر السجاد الإيراني خير من يلعب لعبة البيع والشراء في الغرف المغلقة وعبر القنوات الخلفية».

سبب فتحي لهذا الملف هو تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مؤخرا بمناسبة عيد الجيش الإيراني.

في هذا الخطاب الحماسي ركز الرئيس الإيراني على عدة أمور قدمها للرأي العام على أنها مسلمات غير قابلة للخلاف، بينما هي في حقيقة الأمر قائمة على أخطاء فادحة.

الخطأ الأول هو ما قاله نجاد واصفا جيش بلاده بأنه «الجيش الذي لن يقهر أبدا».

وفي حقيقة الأمر، وكما علمنا التاريخ العسكري، فإنه لم يخلق بعد ذلك الجيش الذي لم يهزم مطلقا، كما أن جيوش الدول الخمس العظمى في مجلس الأمن الدولي كلها هزمت في الماضي والحاضر في معارك وحروب، رغم انضمامها للنادي النووي عقب الحرب العالمية الثانية.

الخطأ الثاني: قول أحمدي نجاد إن جيش بلاده الأكثر شعبية في العالم، ولست أعرف من أين جاء الرئيس الإيراني بهذه النتيجة التي لا يدعمها بحث أو إحصاء أو تفكير علمي.

والذي نعرفه أن الجيش الإيراني لم يكن شعبيا قط حينما دخل في حرب مريرة مع العراق، ولم يكن شعبيا حينما دعم حربا طائفية في العراق عقب سقوط صدام، ولم يكن شعبيا وهو يدعم الآن نظام الحكم في سوريا.

ولم نر البحرية الإيرانية قبالة السواحل الإسرائيلية، ولكن رأيناها عند مضيق هرمز، ولم نجد السلاح الإيراني مع المقاومة الفلسطينية، ولكن وجدناه في أيدي فصائل أفغانية متناحرة.

أما الخطأ الثالث في كلمة الرئيس الإيراني فهو يتلخص في أسلوب «الاستعلاء والتهديد والاستكبار» وهو يتحدث عن القوة العسكرية الإيرانية، مهددا بقطع يد من تسول له نفسه تهديد بلاده.

ولم يتحدث نجاد عن إمكانية أي مصالحة مع الإمارات حول وضعية الجزر المتنازع عليها، بل زاد الطين بلة زيارة نجاد لإحدى هذه الجزر يوم 11 أبريل (نيسان) الجاري في أكبر خطوة استفزازية ضد المشاعر الإماراتية والعربية.

لست أعرف هل هذا الأسلوب الإيراني هو أسلوب جديد في علم التفاوض يقوم على مبدأ «الرعب والتخويف قبيل التوصل إلى تسوية»، أم نحن أمام نظرية تقليدية من نظريات الإصرار على هدم المعبد على رؤوس الجميع.

لست أعرف على أي أوراق بالضبط يراهن التشدد الإيراني.. هل على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، أم يراهن على سوء السمعة الدولية، أم تدهور حال الحليف الأكبر في دمشق، أم على سوء الأداء الاقتصادي الداخلي، أم على الخلاف السياسي الطاحن بين المرشد الأعلى والرئيس؟!