الحرب سورية.. والتوتر لبناني!

TT

مرة أخرى أحذر، وبشدة، من انتقال حالة التوتر والصدام الدموي الحالية في سوريا إلى لبنان.

والمتابع الدقيق لما يدور من مساجلات وتوترات داخل البرلمان اللبناني وخارج «ساحة النجمة» سوف يدرك أن مقياس سخونة المساجلات تعدى «المؤشر» الطبيعي للسخونة، وأننا نكاد نكون قاب قوسين أو أدنى من الاقتراب من نقطة تفجر ما. والمتابع للمساجلات الأخيرة بين نائبي حزب الله حسن فضل الله ونواف الموسوي من ناحية، والدكتور فؤاد السنيورة والنائب سامي جميل من ناحية أخرى، ينتابه شعور بأن هذه الأطراف تتحدث حوار الحرب وليس حوار السلام الأهلي، ويصل إلى قناعة راسخة بأن لغة التهديد والوعيد المستخدمة هي مفردات الحرب الأهلية اللبنانية وليست مفردات من هو يستعد للوصول إلى مائدة مفاوضات وطاولة حوار وطني لإنقاذ البلاد.

وكلام حزب الله معناه: «إذا أردتم الحوار فعليكم - بداية - ألا تفتحوا ملف سلاح المقاومة، وإلا فلا معنى للحديث عن أي نوع من أنواع الحوار»، أما قراءة السنيورة وسامي جميل للرسالة فهي: «نحن لم نفتح في تلك الجلسة أي حوار عن سلاح المقاومة، لكن إذا كان الأمر تلويحا بالتهديد بالعمل العسكري فإن ذلك يدعونا إلى التطرق لمبدأ الحد من التسلح».

من هنا يبرز السؤال: هل ما نراه على الساحة اللبنانية هو محض سلوكيات خوف من الآتي الأعظم عقب سقوط النظام السوري؟.. وهل سقوط النظام في دمشق يزيد توتر الأوضاع في بيروت أم يرفع غطاء اليد الثقيلة التي ظلت مهيمنة على الحياة السياسية اللبنانية قرابة نصف قرن؟

أما السؤال الأخطر فهو: هل مساجلات البرلمان هي للتمهيد للحوار من خلال فرض شروط مسبقة، أم هي لنسف فكرة الحوار الوطني المستحيل الآن؟

الإجابة فقط عند رجل واحد، في رأيي، هو الأستاذ نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، الذي يواجه في صمت أصعب عاصفة سياسية تهدد الحياة السياسية اللبنانية.

عاش لبنان، سواء كنت مع أو ضد، وسواء كنت من أنصار سوريا أو أشد أعدائها، قاعدة تعامل قائمة على ضرورة وجود اللاعب السوري كطرف أساسي في المعادلة اللبنانية. وسواء زاد الدور السوري أو انخفض، فإن الجميع، وأعني بذلك الجميع، كانوا يدركون أن هناك دوراً سورياً ما لا بد من مراعاته داخل اللعبة.

الآن، وبينما هناك انفجار داخلي في سوريا، والبلاد على حافة البركان، والنظام السوري يدرك الاقتراب من المربع الأخير، فإن كل لاعب سياسي أساسي في لبنان يمهد نفسه لوراثة تركة نهاية نظام، ويعد نفسه للتعامل مع النظام الجديد الآتي في دمشق قريبا.