السعودية.. والحقوقيون يدافعون عن متهم بتهريب المخدرات!

TT

كتبت الأسبوع الماضي مقالا بعنوان «السعودية: (القاعدة) حقوقية أم الحقوقيون (قاعدة)؟» فقامت الدنيا ولم تقعد، خصوصا من بعض من يعتبرون أنفسهم حقوقيين في السعودية، وكيلت لي أقذع الشتائم، وشنت عليّ حملة انحدرت إلى مستوى لا يمكن النزول إليه، لكن ها هم الحقوقيون يقعون اليوم في مطب آخر لا يقل سوءا عما قبله.

في الأسبوع الماضي كتبت متسائلا عن موقف الحقوقيين بعد أن تبنت «القاعدة» اختطاف القنصل السعودي عبد الله الخالدي في اليمن، وطالبت بإطلاق سراح السجناء المنتمين لـ«القاعدة» في السعودية مقابل إطلاق سراحه، ومن ضمن هؤلاء السجناء بعض سيدات «القاعدة»، وكانت المفارقة أن من سمتهن «القاعدة» بالأسماء هن اللاتي تبنى من يصفون أنفسهم بالحقوقيين قضيتهن ضد الدولة السعودية، وقالوا، أي الحقوقيون، إن هؤلاء السجينات كن سجينات رأي، لكن «القاعدة» فضحت نفسها، وفضحت الحقوقيين، يوم أعلنت في التسجيل الهاتفي بين أحد أفرادها والسفير السعودي لدى اليمن، أن من دافع عنهن الحقوقيون في السعودية ما هن إلا سجينات ينتمين لـ«القاعدة» التي تريد إطلاق سراحهن، وإرسالهن لليمن!

اليوم يتعرض الحقوقيون السعوديون، وهو مصطلح زور لا يستحقونه، لفضيحة أخرى وهي فضيحة اعتقال المتهم المصري أحمد الجيزاوي في السعودية، حيث جرت شائعات بأنه قد تعرض للاعتقال فور وصوله إلى السعودية فقط لأنه قام برفع قضية ضد الملك السعودي، وهب من يدعون بأنهم حقوقيون سعوديون للدفاع عنه، والمطالبة بإطلاق سراحه، لكنهم، أي الحقوقيين السعوديين، تعرضوا لفضيحة أخرى، ومن قبل السفير المصري في الرياض، الذي أكد الرواية السعودية، وقال إن الرجل موقوف بتهمة تهريب حبوب مخدرة للسعودية، وليس لأنه أقام دعوى ضد العاهل السعودي! فأي فضيحة أكثر من هذه لمن يدعون أنهم حقوقيون سعوديون، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك؟

الحقيقة أنه ليس هناك فيمن يدعون أنهم حقوقيون، وقاموا بشن حملة مسعورة على كاتب المقال الأسبوع الماضي، اسم يستحق مناقشته، بل إنهم ليس لديهم فكرة، وإنما شتائم، حيث إنهم لم يقدموا رأيا يستحق الوقوف أمامه، أو رؤية تنم عن إدراك، بمقدار ما أنها كانت حملة مسعورة بألفاظ نابية، ولا تستحق حتى الالتفات إليها، وبعضهم للأسف صحافيون سعوديون، مما يبين حجم الخلل والفوضى في المشهد الثقافي والصحافي السعودي. لكن السؤال الذي يستحق أن يطرح اليوم، واستكمالا للسؤال المطروح الأسبوع الماضي وبلا إجابة، هو: أليس فيمن يدعون أنهم حقوقيون عاقل يعتبر مما يحدث؟ فإذا كانت «القاعدة» قد خذلت الحقوقيين مرة، وخذلهم الشاتمون المصريون مرة أخرى، فإن السؤال هو متى ينصف مدعو الحقوق السعوديون أنفسهم، ويخرجون ليقولوا إن لديهم فهما خاطئا لمفهوم الحقوق، بل إنهم أبعد ما يكونون عن ذلك؟

لماذا لا يعترفون ولو لمرة بأنهم لا يعون ما يدور حولهم، وأنهم يبسطون الأمور بشكل سطحي؟ ولماذا لا يعون أن كونك «شتيما»، أو محرضا، فهذا لا يعني إطلاقا أنك حقوقي، ناهيك عن كونك «دعوجيا»؟ أتمنى أن تكون لديهم إجابة هذه المرة!

[email protected]