سيده لا شريكه!

TT

كان تشارلز تايلور يتظاهر بالكتابة عندما قرئ عليه الحكم بالقتل والاغتصاب والخراب والعذاب وأكل البشر. قبل عام تماما من اليوم وقف محاميه صارخا أمام المحكمة الدولية: أين شريكك؟ لماذا لا تحاكمون معمر القذافي أيضا؟ الحقيقة أن معمر القذافي لم يكن شريك هذا المجرم، الذي قلده بالتظاهر بالكتابة كما كان يفعل المهرج الدموي في مؤتمرات القمة.

لم يكن شريكه. كان سيده ومعلمه. وفي «مركز الثورة العالمي» درب على القتل والعنف جميع قتلة أفريقيا الغربية. ولم يمول مذابح تايلور في بلاده ليبيريا وحدها بل أطلقه في سيراليون يدرب عصابات الشبان على قطع الأيدي والأرجل. ولم يسلم من «حملة التحرر» هذه مولودون عمرهم يوم واحد، كما تقول صحيفة «شاوت أفريقا» في سيراليون.

قال أول مدع عام في المحكمة الخاصة، البروفسور ديفيد كرين، إن تدخل القذافي المباشر في حروب سيراليون وليبيريا أدى إلى «قتل واغتصاب وتقطيع وإعاقة مليون كائن بشري». لكن القذافي لم يشتر صمت دجالي الغرب فحسب، بل اشترى ذاكرتهم أيضا. وقد توافدوا على خيمة سرت بكل وقاحة وتركوا لأنفسهم أن يهانوا أمام أطوار ومضحكات ملك ملوك أفريقيا وأمين القومية العربية وصاحب النظرية الثالثة.

تبحث ليبيا الآن عن 350 مليار دولار وضعتها عائلة الأخ القائد في أماكن متفرقة. وتدقق في حسابات البنوك التي استخدمها لتمويل هواة الأشلاء في أفريقيا. ولا يزال لبنان يبحث عن مصير الإمام موسى الصدر الذي دعاه المجرم المتهتك لحضور احتفالات «الفاتح من سبتمبر» واختفى مع رفيقيه في ضيافته. لم تكن هناك حدود لانحطاطه الأخلاقي، هذا الذي كان يبتسم له الحكام العرب كلما وجه لهم الإهانات وسخر من كراماتهم. اكتشفت «لجنة الوئام والمصالحة» في سيراليون بعد نهاية الحرب أن المسؤول الأول عن دمائها وأشلائها، كان هو. لم يغفر لها أنها لم تحضر «قمة» دعا إليها عام 1982 وفوتت عليه فرصة اكتمال النصاب. كيف يهان ملك ملوك أفريقيا؟ أطلق في أعقابها تشارلز تايلور وفوداي سنكوح، أفظع لصوص الماس في تاريخ القارة. شهدت العارضة نعومي كامبل أمام المحكمة أن تايلور أرسل لها كيسا من حبوب الماس في أحد فنادق جنوب أفريقيا. وأرسل كيسا مشابها إلى ميا فارو، زوجة فرانك سناترا.

تفرج العالم طويلا فيما كان تشارلز تايلور يمزق الأشلاء وأحيانا يأمر بأكلها. وأمس جلس في كرسي معد للجزارين، جلس عليه من قبل سلوبودان ميلوسيفيتش وكاراديتش وبقية المجرمين الصرب. وقد تظاهر بأن الأمر لا يعنيه. ولم يكن مضطرا إلى ذلك. العالم أجمع يعرف أي نوع من الوحوش هو.