معضلة العلاقات المصرية السعودية

TT

العلاقات المصرية السعودية مثل بناء عظيم وكبير كناطحة السحاب الكبرى الامباير ستايت في نيويورك، لكنها لا تقف على أعمدة من خرسانة مسلحة ولكن على عمود واحد مصنوع من خشب عود الثقاب!

المثير في العلاقات ين القاهرة والرياض، بالذات في الفترة من صيف 1972 حينما بدأ التنسيق السري بين الرئيس أنور السادات والملك فيصل بن عبد العزيز، رحمهما الله، في الترتيب لحرب أكتوبر 1973، أنها كانت شديدة القوة على المستوى الأعلى وشديدة الهشاشة على المستوى الأدنى.. والأدنى. كلما صعدت إلى أعلى تجد دفئا، وكلما هبطت إلى المستوى الأدنى وجدت صقيعا!

ورغم حركة المصالح بين البلدين، (السعودية هي أكبر مستثمر عربي في مصر، والمصريون هم أكبر عمالة وافدة عربية في المملكة)، فإن خطر الأزمة دائما موجود.

ورغم أن هناك نصف مليون سعودي يقيمون بصفة دائمة في مصر، وهناك قرابة مليوني مصري يعملون في المملكة، فإن أي حادث عرضي صغير في القاهرة أو الرياض من الممكن أن يضع هذه العلاقات في مهب الريح مما يضع الزعامات في القاهرة والرياض في حيرة دائمة.

وفي عهد الرئيس السابق حسني مبارك، كانت العلاقات المصرية السعودية في أوجها سواء في عهد الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، أو عهد الملك عبد الله، لكن كان المزعج لهم جميعا تداعيات أو تأثيرات الحوادث الفردية هنا أو هناك.

كان يزعج القاهرة أو الرياض على حد سواء مشكلة مدرس مصري في المملكة، أو مستثمر سعودي في القاهرة، أو جريمة جنائية هنا، أو حادث هناك.

إذا كان مجموع سكان البلدين يتعدى 105 ملايين، وبينهما حركة سفر وإقامة وعمل ومصالح وتصاهر وتاريخ وعمرة وحج ومنافذ بحرية وبرية ومطارات، فإن المنطق الإنساني البحت أنه لا يمكن أن تعيش دون إشكاليات أو أزمات فردية.

الطبيعي أن تكون هناك أزمات فردية، ولكن غير الطبيعي أن تتحول الأزمة الفردية إلى أزمة تهدد ركائز العلاقات المصيرية بين البلدين.

إنني أتصور أن اللجنة الوزارية العليا بين مصر والسعودية يمكن أن تنعقد قريبا لبحث العديد من الأمور الثنائية العاجلة، ولكن أعتقد أن يكون متفرعا عنها وبشكل دائم غرفة إدارة أزمات، من بينها سفيرا البلدين ومجموعة من الخبراء والشخصيات العامة للتعامل بشكل سريع وعاجل مع كل ما يمكن أن يتراكم على مر الزمن من قضايا قد تنفجر في وجه الجميع.

آخر ما نحتاجه الآن هو أي تناقص في حرارة العلاقات بين القاهرة والرياض، بل ما نحتاجه اليوم، قبل الغد، هو عودة العلاقات الدافئة.