هل من الممكن الحفاظ على العراق كما هو الآن؟

TT

من المتوقع أن يعود الرئيس العراقي جلال طالباني إلى بغداد في غضون أيام قليلة، عقب الاجتماع المهم الذي عقده في مدينة أربيل التي تقع شمال العراق، وهي مقر حكومة إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي، فيما يمكن أن نطلق عليه الجبهة شبه المناهضة للمالكي.

وقبل أن يغادر إلى أربيل لحضور هذا الاجتماع، عقد طالباني اجتماعا في بغداد مع رئيس الوزراء نوري المالكي، بغية التوصل إلى حلول حول الخطوط العريضة للمصالحة المحتملة بين المالكي والأشخاص الذين يتهمونه بمحاولة إقامة حكم الرجل الواحد في العراق، والذي عانى كثيرا على مدار عقود تحت وطأة حكم مماثل للرئيس العراقي الراحل صدام حسين. والآن، وبعد التعرف على مواقف مجموعة أربيل، من المرجح أن يقوم طالباني بالبحث عن أرضية مشتركة للحفاظ على وحدة العراق أو على الأقل التوصل إلى تفهم بشأن ما إذا كانت هذه المهمة ممكنة أم لا. (يضع الرئيس طالباني نصب عينيه وجود نائبه السني طارق الهاشمي في تركيا في الوقت الراهن في رحلة للهروب من المالكي). عقد طالباني اجتماعا في يوم 29 أبريل (نيسان) في مدينة أربيل، مع مسعود بارزاني، الذي أجرى مؤخرا مباحثات مهمة ومفصلة في الولايات المتحدة ثم في تركيا، ورئيس القائمة العراقية إياد علاوي ورئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي (الذي انضم مؤخرا إلى القائمة العراقية) وزعيم التيار الصدري الشيعي القوي مقتدى الصدر، الذي زار طهران مؤخرا، حيث ناقش القضايا العراقية مع كبار المسؤولين الإيرانيين. لم يسمع طالباني كلاما جديدا خلال هذا الاجتماع، حيث أخبرته تلك الجبهة التي سيتم تشكيلها ضد المالكي بأنه ينبغي على المالكي احترام اتفاق أربيل السابق الذي تم توقيعه عقب انتخابات 2009، والذي يتوجب عليه بمقتضاه تعيين وزراء للداخلية والدفاع والأمن الوطني وغيرها من المناصب السيادية التي يشغلها المالكي في الوقت الحالي، وأنه ينبغي عليه أيضا السماح بالتصويت على قانون النفط والغاز في البرلمان العراقي، بالإضافة إلى ضرورة قيام المالكي بدفع رواتب قوات البيشمركة، التي تتولي مهام الأمن الداخلي لإقليم كردستان. ةوعلى الجانب الآخر، تلقى الصدر رسالة واضحة من طهران، مفادها أن إيران، على الأقل في الوقت الراهن، تدعم المالكي (الذي قام بزيارة إلى طهران قبل الصدر)، وأنها تولي اهتماما كبيرا لاجتماعها مع مجموعة 5 + 1 حول برنامجها النووي، المقرر عقده في بغداد في 23 مايو (أيار). صممت إيران على عقد تلك الاجتماعات في بغداد، في أعقاب الجولة الأولى من المحادثات التي جرت في العاصمة التركية إسطنبول في 11 أبريل، حيث يؤكد اختيار إيران لبغداد لعقد تلك المحادثات على دعم إيران لحكومة المالكي الشيعية. ليس من المرجح قيام الصدر بالاعتراض على حكم المالكي أيا كان الثمن. يدرك طالباني (الذي لا يدخر جهدا لحل هذه الأزمة) وبارزاني جيدا أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تريد المزيد من المشاكل التي قد تقود إلى صراع مسلح على الأقل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. يدرك المالكي هذا الأمر جيدا، وهو ما مكنه من مطالبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعدم التدخل في الشؤون العراقية أكثر من اللازم، ملمحا الى أن بغداد لم تعد بعد مقاطعة تابعة للإمبراطورية العثمانية. يدرك الجميع جيدا أن المالكي لن يقوم بأي تحرك يذكر في اتجاه التوصل إلى أي نوع من أنواع المصالحة الحقيقية، فيما عدا بعض الإيحاءات قليلة الأهمية التي تهدف إلى حفظ ماء الوجه. هناك سؤال يلوح في الأفق في الوقت الراهن، والذي لا يجرؤ أي شخص على الإجابة عنه في رأسه، ألا وهو: هل من الممكن الحفاظ على العراق كما هو الآن؟ من المرجح أن تؤثر الإجابة عن هذا السؤال على كافة دول المنطقة، بما في ذلك تركيا، ليس فقط بسبب المشكلة الكردية، ولكن أيضا بسبب احتياجات أوروبا المتزايدة من النفط والغاز، التي يمكن أن يوفرها إقليم كردستان العراق أيضا.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية