تركيا والامتنان لساركوزي؟

TT

رغم سعادة تركيا دولة وشعبا برحيل ساركوزي، ربما لا تسارع الحكومة التركية نحو إلغاء قرارها بتعليق علاقاتها مع فرنسا ردا على هوس ساركوزي بتشويه سمعة الأتراك باستغلال قضية الأرمن. ولا يعني هذا أن الحكومة التركية غير معنية بتطبيع العلاقات بين البلدين، بل على العكس من ذلك، ستتطلع أنقره إلى استغلال هذه الفرصة لإذابة الجليد الذي تكون مع باريس وهو ما يمكن أن يؤدي إلى كسر الجمود الذي وصلت إليه محاولات تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. مع ذلك ربما تختار أنقرة الانتظار لترى مدى التزام الرئيس الفرنسي الجديد، فرنسوا هولاند، بوعده إعادة مناقشة القانون الذي يجرم التشكيك في إبادة الأرمن رغم الحكم الذي أصدره المجلس الدستوري الفرنسي.

ربما يكون من السذاجة الانتظار من هولاند التصريح رسميا بأنه سيتغاضى عن الأمر، لكن ربما تكتفي الحكومة التركية برسالة مفادها عدم إعطاء هذه القضية الأولوية مع عزم واضح على تحسين العلاقات معها، لتخفيف التوتر الذي يسود علاقاتها بفرنسا. ولن يفاجئني أن أرى رسالة تهنئة من أنقرة وأن تقابل بود وترحاب. وربما يعقب ذلك اجتماع قصير بين الرئيس التركي، عبد الله غل، وهولاند، خلال قمة حلف شمال الأطلسي التي ستعقد في شيكاغو نهاية شهر مايو (أيار). حتى هذه اللحظة تبعث الرسائل التي يوجهها هولاند على التفاؤل. وبعد حكم المجلس، وعد هولاند بمعالجة قضية تجريم إنكار إبادة الأرمن لكن دون تعجل. المثير للاهتمام أنه توجه في تصريحه إلى أتراك فرنسا قائلا إنهم أخطأوا بظنهم أنهم هم المستهدفون من هذا الحكم. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها سياسي فرنسي رفيع المستوى صراحة عن القضايا الحساسة الخاصة بالأتراك المقيمين في فرنسا بحسب خبراء أتراك وفرنسيين.

لهذا يمكن أن نشكر ساركوزي وكذلك أرمن الشتات في فرنسا لأن مبادرة اللحظة الأخيرة التي حاول من خلالها مغازلة الناخبين الأرمن هي من حشدت الأتراك المقيمين في فرنسا ضده، حيث توجه الكثير من الأتراك الذين يحملون الجنسية الفرنسية لصناديق الانتخاب. ومن المتوقع أن ينجح مرشحو الحزب الاشتراكي خلال الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في غضون شهر نظرا لانخراط الأتراك في الحزب الاشتراكي وما يحظى به المشرحون من دعم الناخبين الأتراك. وسيولي المرشحون اهتماما للناخبين الأتراك وسيصبح هذا بدوره عاملا إضافيا يساهم في تحديد موقف هولاند تجاه قضية الأرمن. ويعتقد الخبراء أن هولاند سيواجه صعوبة قانونية في تحدي الحكم الصادر عن المجلس الدستوري، لكن بعيدا عن هذا الأمر، ستظل قضية الأرمن مصدر توتر في العلاقات التركية - الفرنسية حيث سيحيي أرمن الشتات في فرنسا الذكرى المائة لمأساة عام 1915 في ظل وجود الحكومة الاشتراكية الجديدة. ورغم الظلال التي تلقيها قضية الأرمن على العلاقات، لا يزال هناك مبرر للتفاؤل.

أولا ستطهر العلاقة من كل أشكال الخطاب العدواني الذي يتبناه الجانبان. ثانيا من المرجح أن يلغي هولاند قرار ساركوزي بتجميد المفاوضات الخاصة بخمسة فصول من وثيقة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وينبغي أن نشير إلى علاقة الصداقة بين سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، جان موريس ريبير، وفرنسوا هولاند. وقد قال إن على تركيا الاستعداد لمواجهة المزيد من الانتقادات الصريحة من باريس بشأن قضايا حقوق الإنسان.

* بالاتفاق مع صحيفة

«حرييت ديلي نيوز» التركية