تصدير المجزرة!

TT

حذرنا عدة مرات من انتقال الحالة السورية إلى لبنان، وتحويل الفشل الأمني الرسمي السوري في التعامل مع الرفض الشعبي العارم ضد النظام إلى حالة مقايضة مع استقرار شمال لبنان.

وما يحدث في شمال لبنان ومدنه هو الشكل الفاضح الذي يدرس في «سنة أولى سياسة» للحرب بالوكالة بين أطراف خارجية تستغل أرض ومواطن دولة أخرى لإدارة وتنفيذ صراع دموي!

ولعل الانقسام السياسي العلني بين قوى متعددة حول تقسيم أحداث الثورة السورية هو المحرك الرئيسي للمصادمات الدموية التي تشهدها مدن الشمال في لبنان.

نحن أمام رؤية واضحة لمجموعة «8 آذار» التي تؤمن بأن الثورة الشعبية في سوريا ليست سوى مؤامرة طائفية ممولة من قوى إقليمية ودولية لإسقاط نظام د. بشار الأسد القومي، العروبي، الممانع، المساند للمقاومة اللبنانية وللدور العظيم للجمهورية الإسلامية الإيرانية!

أما مجموعة «14 آذار» فكانت وما زالت تعتقد مثلها مثل مئات القوى في هذا العالم، أن ما يحدث في سوريا هو جريمة ومجزرة مستمرة ومروعة من نظام حكم يفقد شرعيته بسرعة جارفة، يحاول فرض وجوده بواسطة القهر وسلطة التعسف العسكري وحكم السجون والزنازين والتعذيب.

هذا الانقسام الحاد يمارس خلافاته منذ فترة من خلال المعارك السياسية داخل البرلمان اللبناني وبرامج التوك شو، ثم تحول إلى حالة من التلاسن الحاد في محافظات الشمال.

وكما علمنا التاريخ بشكل عام، وتاريخ لبنان المعاصر بشكل خاص، فإن العنف اللفظي عادة ما يتحول إلى عنف دموي بأسرع مما يتوقع أي مراقب على الأرض!

الخوف الذي ينتابني هذه الأيام هو توسيع رقعة الصراع من الأراضي السورية إلى محافظات الشمال اللبنانية، مما يحقق حالة من التداخل بين المعارك السورية واللبنانية، وبالتالي يختلط الحابل بالنابل وتصبح أطراف الصراع المؤيدة لسوريا في لبنان طرفا مباشرا داخل الأراضي السورية.

وهناك «معلومات» وتقارير صحافية أكدت الأسبوع الماضي دخول وحدات مقاتلة من قوى حزب الله إلى بعض المدن السورية المشتعلة، إلا أنه لم يمكن تأكيد هذه المشاركة من قوى مستقلة.

الخوف كل الخوف أن تتدخل قوى حزب الله داخل الأراضي السورية، أو أن تتدخل قوى يمينية مسيحية مؤيدة لسوريا في محافظات الشمال اللبناني، مما قد يفتح الباب وبقوة نحو عودة كارثة الحرب الأهلية اللبنانية التي ظلت تهدد لبنان والمنطقة لمدة 17 عاما.

وكما يقول أهل مصر: ربنا يستر.