السؤال المصري خطأ!

TT

يتساءل المصريون اليوم: من أنتخب بالإعادة الرئاسية، محمد مرسي الإخواني، أم أحمد شفيق وأعيد نظام مبارك مرة أخرى؟ وبالطبع فإن السؤال برمته خطأ! فلكي تسير مصر بالمسار المنطقي، ووفق فن الممكن، فلا بد أن يطرح المصريون على أنفسهم السؤال الصحيح، وهو: هل أريد الدولة الدينية، أم المدنية؟

الدولة المدنية تعني أن الدين لله والوطن للجميع، وتعني تداول السلطة، وأن الحاكم يحكم باسم الشعب، ووفق قوانين، وبالتالي فهو محاسب على كل ما يفعل ويقول، ومهمته توفير الأمن والاستقرار، ولقمة العيش، بينما الدولة الدينية تعني أن الحاكم يحكم باسم الله وعلى الشعب السمع والطاعة، بالمنشط والمكره، وأن لا تداول للسلطة، فالخير في ما يراه «المرشد» وحده، أي الرجل غير المنتخب، وأن لا حساب، فمن يحاسب من يحكم باسم الله؟ هكذا هي القصة بلا تعقيد! فلا تهم الأسماء هنا، وإنما أي نهج يريد المصريون لدولتهم الجديدة في ما بعد الثورة. فإذا كان المصريون غاضبين من الاختيارات المتاحة أمامهم، فعليهم أن يصارحوا أنفسهم، ولو لمرة واحدة، بأنهم هم من وصل الأمور لهذا الشكل، فهل يعقل، مثلا، أن يترشح ثلاثة عشر مصريا للانتخابات الرئاسية، نصفهم، أو أكثر، يدعون أنهم يمثلون الثورة؟ أمر لا يصدق!

فإذا كان نظام مبارك سيئا، فعلى المصريين أن يسألوا أنفسهم لماذا، هل هو من أجل التوريث، أم الفساد، أم لغياب تداول السلطة طوال ثلاثين عاما؟ أسئلة مهمة على المصريين الإجابة عنها ليعرفوا لمن يجب أن يصوتوا بانتخابات الإعادة، فإذا كان المصريون يكرهون التوريث، وغياب تداول السلطة والفساد، فعليهم أن يصوتوا لمصلحة الدولة المدنية، وإن طال الطريق؛ فالرئيس القادم، وإن كان شفيق، لن يكون بوسعه أن يكون مبارك آخر، فمنذ بدأ حكم العسكر بمصر، لم يستطع السادات فعل ما فعله عبد الناصر، ومبارك لم يستطع فعل ما فعله السادات، وبالتأكيد فإن شفيق لن يستطيع تكرار ما فعله مبارك. أما إذا أراد المصريون أن يبنوا أحلامهم على تقلبات «الإخوان» ووعودهم التي أخلفوها مرارا منذ الثورة، ويسلموهم الرئاسة، إضافة إلى سلطتهم على البرلمان، وعدم وجود دستور بعد بمصر، فذلك يعني أن على المصريين ببساطة التصويت لـ«الإخوان».

لكن لا بد أن يتذكر المصريون أن «الإخوان» لا يتنافسون بمرشح سياسي معروف، وإنما هو «كادر» حزبي اقتضته الضرورة، بعد إقصاء خيرت الشاطر، أي أن «الإخوان» يترشحون بمن اختاره المرشد، أي الحكم من خلف حجاب، على غرار إيران حيث المرشد الأعلى، أو حماس حيث إن المنتخب هو إسماعيل هنية والحاكم الفعلي خالد مشعل، أو على غرار العراق، حيث تجرى الانتخابات ويبقى القول الفصل للسيستاني، أي أن تصبح مصر الدولة المرشدية، لا الدولة المدنية، التي ستمنح المصريين فترة أربعة أعوام لترتيب صفوفهم، وظهور قيادات جديدة، وهذا ما لا ستمنحهم إياه الدولة الدينية، أو المرشدية!

ولذا؛ فإن المنطق يقول إن السؤال الصحيح الذي يجب أن يطرحه المصريون هو: هل نختار الدولة الدينية أم المدنية؟ وليس اختيار الأسماء.

[email protected]