لا إحساس بالوقت!

TT

دائما نحن معشر العرب، نفعل كل الأشياء أو معظمها في اللحظة الأخيرة!

نصلي الفرض قبل أذان الفرض التالي بلحظات، ندفع الضرائب في آخر يوم لتاريخ استحقاقها، يقوم التلفزيون الحكومي بتصوير مسلسلات رمضان قبيل الشهر الكريم بعدة أيام وكأننا فوجئنا بالتاريخ، نقوم بحجز بطاقات رحلة السفر لإجازتنا الصيفية بعدما تكون كل مقاعد الطائرات محجوزة سلفا!

إنه أسلوب حياة، أسلوب اللحظة الأخيرة، البعيد تماما عن الإحساس بعنصر الزمن وأهمية التوقيت وضرورة التخطيط المسبق لأمور الحياة. في أوروبا والولايات المتحدة والدول المتقدمة غير المصابة بحالة من «الإغماء الزمني»، يقوم المواطن بالتخطيط لتقاعده منذ أن يبدأ أول وظيفة من خلال وثيقة تأمين خاصة للتقاعد، بل يقوم بحجز منزل التقاعد الذي سيعيش فيه، وخير مثال لذلك ما يفعله المتقاعدون الأميركان حينما يشترون شققا صغيرة في مدينة فلوريدا المعروفة بشمسها الجميلة وطقسها الرائع. الحكومات الأجنبية لديها صناديق سيادية من أجل مواجهة الطوارئ المالية، وجزء منها لتأمين مستقبل الأجيال المقبلة.

الدول الصناعية تقوم بتخزين النفط في أراضيها بشكل استراتيجي تحسبا لأي طارئ غير متوقع في مصادر أو منابع أو مسارات نقل الطاقة.

مراكز الأبحاث الدولية تخطط لحالات التغير المناخي التي يمكن أن تطرأ على الكرة الأرضية بعد 50 عاما من الآن، وتقوم بأبحاث هامة من أجل استنساخ البذور والمزروعات بل والحيوانات بهدف توفير الطعام لسكان الأرض عندما تتضاعف معدلات الإنجاب عندهم.

تذكرت ذلك كله، حينما تأملت الحالة المصرية السياسية وهي تتعامل مع الملفات التالية:

1- قيام المحكمة الدستورية العليا بالنظر في دستورية قانون العزل السياسي عشية بدء الانتخابات الرئاسية هذا الشهر!

2- إعطاء المجلس العسكري مهلة للقوى السياسية تبلغ 48 ساعة (تنتهي اليوم) بعد «دلع» وتضييع للوقت استمر شهورا مطولة من أجل تقديم قائمة بأسماء اللجنة التأسيسية للدستور.

3- ضياع المسؤولية عن الجهة التي ستمدد الصلاحيات الدستورية بين المجلس الأعلى المسؤول - دستوريا - عن إدارة شؤون البلاد، والبرلمان صاحب سلطة التشريع والرقابة.

ذلك يعني أن مصر قد يكون لها رئيس منتخب في غضون 15 يوما ولا تكون له - حتى الآن - صلاحيات واضحة. وكأننا استيقظنا - فجأة - ذات صباح واكتشفنا أن كل هذه الأمور يستحق تنفيذها الآن!

شيء مخيف!