الشعب يريد تناول الطعام!

TT

حينما تزداد حالات الاكتئاب النفسي لدى الإنسان يحاول كل واحد منا أن يتعامل معها بطريقته الخاصة التي تناسبه وتناسب ظروفه وقدراته الذاتية. البعض يلجأ إلى الهروب عبر رفض الواقع تماما ومحاولة تغييب عقله باللجوء إلى المسكرات أو الإدمان للمخدرات - والعياذ بالله - والبعض الآخر يتهرب من مواجهة الموقف الصعب بالهجرة إلى أبعد بلاد الله على ظهر كوكب الأرض.

البعض الآخر يجعل من مقاطعة نشرات الأخبار وقراءة الصحف اليومية وسيلة للهروب، ويغيب في عالم من الأغنيات الهابطة أو الأفلام التافهة أو المسلسلات التركية ذات المائة حلقة. أما الطريقة المبتكرة التي توصلت إليها لمواجهة حالات الاكتئاب الناجم عن سوء الأخبار السياسية وفشل المسؤولين في إدارة الأزمات، فهي اللجوء إلى الطعام والطهو.

ليس عليك جناح إذا التهمت صينية بطاطس في الفرن مع قطعة «موزة» من لحم الضأن الصغير، ولا خطأ عليك إذا عشت أمسيتك مع طاجن مغربي من الدجاج المضاف إليه الزيتون الأخضر والليمون الأصفر واللوز والقرفة!

ولن يضير الإنسان شيء إذا دفن همومه في تشكيلة رائعة من محشو الكرنب والباذنجان وورق العنب والفلفل الأخضر والأحمر أيضا.. أما إذا زاد عليك الضيق فإن بلورة كبيرة من الملوخية الخضراء المطهوة بالطريقة المصرية مضافة إليها كمية من «التقلية» المصنوعة من الكزبرة اليابسة والثوم والخل، يمكن أن تؤدي بك إلى حالة من الإغماء اللذيذ يذهب بك إلى حالة من النوم لا ترى فيها أي أحلام سياسية، بل سترى أحلاما عاطفية ملونة مع صوت دولبي مجسم!

وإذا استفحل الأمر وواجهت ابتلاءات شديدة مثل: ثورة، انقلاب، انهيار بورصة، فشل في انتخابات.. فإن صحنا من الفول المدمس على الطريقة اللبنانية يضاف إليه طبق من الخضراوات اللبنانية أهمها البصل الأبيض الناصع مثل اللؤلؤ، هو الحل المناسب لمواجهة هذه الأحداث الجسيمة!

ثم يأتي دور الفاكهة وعلى رأسها البطيخ في عملية المواساة العاطفية.. نعم، هذه وصفة مجربة، فإذا ما واجهت أزمة عاطفية أو هجر حبيبة لك من دون سابق إنذار، قم بشراء بطيخة من جبل لبنان أو منطقة الطائف بالسعودية، أو صعيد مصر، أو مستوردة من قبرص أو اليونان أو من كاليفورنيا حيث تم اختراع بطيخ من دون «لب» داخلي، وضعها في الثلاجة مدة لا تزيد على 6 ساعات ولا تقل عن ثلاث، ثم تناول قطعة من الجبن الأبيض اليوناني متوسط الملوحة، ثم اقفز داخل البطيخة مثل غواص الأولمبياد الذي يقفز داخل حمام السباحة.

أما إذا فشلت معك المهدئات، وكل وسائل الإدمان والمقاطعة وحلول كل ألوان الطعام، فتوجه إلى أقرب سفارة واطلب تغيير الجنسية!