اختيار مرشحي الانتخابات.. بين «الكاريزما» والعقلانية

TT

اختيار الأفراد للشخص المناسب في الانتخابات أيا كانت، انتخابات رئاسية - كما يحدث في مصر هذه الأيام - أو مجلس الشعب أو نقابات أو لرئاسة الجامعات أو عمادة الكليات وغيرها، تثير الكثير من التساؤلات المشروعة والمهمة عن معايير ومقومات ومحددات الاختيار، مثل: ما الذي يجب توافره في شخصية المرشح المختار؟ وهل يتم الاختيار على أساس البرنامج الانتخابي أو شخصية المرشح أم التيار الانتمائي للمرشح؟ وما الذي يحسم الاختيار؛ هل «الكاريزما»، أم العقلانية في الاختيار، أم الاثنان معا؟

الكاريزما (Charisma)، كلمة أصلها يوناني، وتعني هبة أو منحة أو هدية إلهية، تعني أن شخصا ما، لديه جاذبية وتأثير غير عادي على الآخرين. وقد أشارت الكثير من الكتب والدراسات والبحوث إلى صفات وخصائص ومهارات للشخصية الكاريزمية، التي منها: الثقة بالتواصل، والمنطلقات الأخلاقية لإظهار الصدق والنزاهة، وتعابير الوجه (مثل الابتسامة، وإيماءات الرأس، والتزام الهدوء)، والمحافظة على نبرة الصوت أثناء الحديث والتواصل والحوار مع الآخرين، والقدرة على الاستماع والإقناع والتكيف مع الآخرين وإلهامهم، وكذلك القدرة على إرسال أفكار ورسائل صامتة إليهم.

وقد يتساءل كثيرون: هل الكاريزما، شيء يولد مع الشخص أو يمكن اكتسابها وتعلمها بالفعل، وكيف؟ وما المهارات الشخصية والاجتماعية والعاطفية الضرورية واللازمة للشخصية الكاريزمية؟

يقول عالم النفس الأميركي، دانييل غولمان، في كتابه الشهير«الذكاء العاطفي»، إن هناك أربع قدرات أو مكونات أو مهارات ضرورية للجاذبية الشخصية والنجاح الاجتماعي، بل وأيضا لـ«الكاريزما» هي: تنظيم وتنسيق جهود مجموعات الأفراد، والحلول التفاوضية لمنع وقوع الصراعات والنزاعات والخلافات وإيجاد الحلول لها، والاتصال الشخصي والتعاطف للتعرف على مشاعر واهتمامات الأفراد بصورة ملائمة، ومهارة التحليل الاجتماعي وتعني القدرة على كشف واستبصار مشاعر ودوافع واهتمامات الآخرين، وبالتالي سهولة إقامة علاقات ودية حميمة معهم.

وقد أشارت الدراسات إلى أن «الكاريزما»، يمكن أن يكتسبها الفرد ويصل إليها من خلال العمل والممارسة والتدريب.

ولعل الأسئلة المطروحة، هل هناك أخطاء للشخصية الكاريزمية؟ وهل من الممكن أن تغطي الكاريزما على هذه الأخطاء؟ وهل اختيار القائد يتطلب توافر قدر من «الكاريزما»، أم أن الكاريزما سوف تتوافر لدى الشخص المناسب مع مرور الوقت، والمطلوب هو فقط أن يكون هناك عقلانية في اختيار الأشخاص، من خلال النظر إلى مشوارهم وخبراتهم ونجاحاتهم المهنية والعملية في الحياة وفي إدارة الصراعات والنزاعات والتغلب على المشكلات والمواقف الصعبة؟ والتساؤل الآخر، هل لا بد عند الاختيار النظر إلى الاثنين، أي إلى مدى توافر الكاريزما في الشخصية المرشحة وهل تلعب دورا في عملية الاختيار، بالإضافة إلى عقلانية الاخـتـيار، بمعنى الاتجاه العقـلاني القائم على أسس ومعايير وخصائص ومواصفات منطقية في الشخصية التي سيتم اختيارها، من حيث تاريخه الشخصي والمهني ومواقفه من الكثير من القضايا، وكذلك في النظر إلى البرامج التي يقدمها المرشحون، ودورها التنموي في مواجهة التحديات، وفي النهوض بالأفراد والمجتمعات؟ لا شك في أنها تساؤلات مشـروعة جديرة بالاهتمام والمناقشة في عمليات الانتخاب لاختيار القيادات أيا كان نوعها.