قاموس برنارد لويس

TT

بنى برنارد لويس شهرته وأهميته الأكاديمية على كونه أشهر مؤرخي الغرب للإسلام والعرب.. ورأى فيه إدوارد سعيد في أشهر كتبه «الاستشراق» أحد التحريفيين في الرؤية لتاريخ الإسلام. وكان سعيد قد غاب عندما ظهر لويس واحدا من أهم المؤثرين في الحرب على العراق، مقنعا جورج بوش وزمرته بأن تلك هي أنجع الوسائل «لتحديث» العراق والشرق الأوسط معا.

في السادسة والتسعين من العمر الآن، أصدر لويس مذكراته في كتاب بعنوان «ملاحظات على القرن» كما يراها «مؤرخ شرق أوسطي». قد يصبح هذا أقل أعماله أهمية أو إثارة للجدل بعد ستة عقود ونحو 20 مؤلفا في تاريخ المنطقة القديم والحديث.

يروي نشأة صبي يهودي من عائلة بريطانية متوسطة أحب اللغات القديمة ومن خلالها عني بتاريخ شعوبها.. لذا يعتبر البعض أن أهم مؤلفاته كان حول الإمبراطورية العثمانية. ويشرح كيف قارب أعماله، فيقول بالسفر إلى الدول المعنية، لكنه يفصح عن وسيلة لا أذكر أن سواه لجأ إليها.. يقول إن الكثير من المادة حصل عليه من خلال مناقشاته مع تلامذته في كلية العلوم الشرقية والأفريقية (سواس) في لندن.

ترك لويس لندن إلى جامعة برنستون، إحدى أهم جامعات أميركا، وأصبح أشهر المساهمين في مجلة «كومنتري» التي تعبر عن تفكير الصهيونية الجديدة، وكان يصغى إليه في إدارة جورج بوش الأب ثم في إدارة الابن الذي أطل على العالم في صورة رجل جاهل بالتاريخ؛ قديمه وحديثه، وأنه لم يغادر تكساس إلا إلى المكسيك المجاورة.

لكن لويس أيضا دعا إلى عدم فرض الديمقراطية والحرية على الشرق مرة واحدة، معللا بأن المريض يعالج بجرعات صغيرة، لأن الجرعة الكبرى قاتلة غالبا. تقسم أعماله، تبسيطيا، إلى قسمين: الترجمات الإسلامية، وهذه نشرت الكثير من الآثار الإسلامية في الغرب، والتحليلات، وفيها مارس فكر المستشرقين الذي ثار عليه إدوارد سعيد وكثيرون من المفكرين العرب، لكن كتاب سعيد كان الأكثر شهرة وإثارة للجدل، لصدوره بالإنجليزية عن رجل أكاديمي بارز، ولم يكن سعيد قد بلغ يومها الشهرة العالمية التي بدأت مع «المستشرقين».

أصبح سعيد في ما بعد أشهر وأفعل من يتصدى لما يدس في الفكر الغربي ضد الإسلام والعرب، خصوصا على أيدي مهرة مثل لويس. وقد تصدى للأخير أيضا المفكر الأميركي نعوم تشومسكي وسواه. وفي أي حال، تبدو مذكرات لويس مثل قاموس يفسر فيه أعماله وسيرته التي يقول إنه وضعها بعدما فقد الكثير من ذاكرته وقواه.