«الإخوان» والاستعانة بالأميركان!

TT

يبدو الإخوان المسلمون في مصر هذه الأيام وكأنهم مبارك في آخر أيامه، حيث نجد أبرز رموزهم القيادية لا تتحدث إلا في وسائل الإعلام الغربية، وأبرزها الأميركية، ومن أشهر هؤلاء القيادي الإخواني خيرت الشاطر، وآخر أحاديثه كان أمس لصحيفة «وول ستريت جورنال»، وقبلها في صحيفة الـ«واشنطن بوست».

وهذا ما فعله تحديدا الرئيس السابق مبارك، ونائبه اللواء عمر سليمان، اللذان كانا يتحدثان للتلفزة الأميركية من أجل الوصول إلى صناع القرار هناك، وكل ذلك كان يحدث - بالنسبة لنظام مبارك - من أجل أن تمهله الإدارة الأميركية، على أن يجد فرصة للقضاء على الثورة. واليوم.. نجد خيرت الشاطر يفعل الأمر نفسه لإقناع الإدارة الأميركية، وصناع القرار هناك، بالضغط على المجلس العسكري ليقوم بتسليم السلطة لمرشحهم محمد مرسي، رغم عدم إعلان النتائج رسميا، وحتى كتابة هذا المقال. حتى إن خيرت الشاطر فجر قنبلة في مقابلة الـ«وول ستريت جورنال» حين قال ما معناه إنه كان هناك اتفاق بين «العسكر» و«الإخوان» لتقاسم السلطة، لكن «العسكر» لم يفوا بوعودهم!

وهذا الحديث يظهر لكثير من القوى السياسية المصرية مدى سذاجة الوثوق بوعود «الإخوان»، مع ضرورة أن نوضح هنا أن الاتفاق مع «العسكر»، بالنسبة لـ«الإخوان»، ليس جريمة، فالسياسة مصالح، واتفاقات، وتنازلات، فلا أبيض وأسود في السياسة. وهذا ما يعيه «الإخوان» جيدا، وهذا ما فعلوه منذ رحيل نظام مبارك، وهو ما أشرنا إليه كثيرا هنا، فـ«الإخوان» كانوا يلعبون سياسة، لكنهم أيضا كانوا يتلاعبون بالقوى الأخرى من أجل الوصول للحكم في مصر، وهذا أمر يعاب على القوى الأخرى، وليس «الإخوان» بالطبع، لأن تلك القوى السياسية في مصر كانت تضيع الوقت، والفرص، وتتعنت، وتركت «الإخوان» يتلاعبون بهم كثيرا، كما تلاعبوا - أي «الإخوان» - بالرأي العام المصري، وطوال العقود الماضية، وذلك من أجل شيطنة الحكام المصريين، ووصمهم بالعمالة للغرب، وتحديدا أميركا، وها هم «الإخوان» يلجأون إلى أميركا اليوم لكي تعينهم على المجلس العسكري!

فعلى مدى ثلاثة عقود، ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، و«الإخوان» يهاجمون الراحل أنور السادات – رحمه الله - أشد مهاجمة، وخلقوا أدبيات للطعن على هذا الاتفاق، واعتبروا مبارك الحارس الشخصي على اتفاقية خيانة الأمة. ولكن – ويا لعجائب القدر – ها هو الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، راعي معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، هو المراقب على الانتخابات الرئاسية المصرية، وهو من يقرر ما إذا كانت نزيهة أم لا، حيث انطبق على كارتر شطر البيت الشهير للمتنبي الذي يقول فيه: «فيك الخصام وأنت الخصم والحكم»!

وقد يقول البعض إن هذه هي البراغماتية السياسية، أو أنه ليس بمقدور أحد حكم مصر من دون علاقات مميزة مع واشنطن، وهذا صحيح. لكن ماذا عن أدبيات «الإخوان»، وطوال ثمانين عاما، بأن الغرب يحيك مؤامرة «صهيوأميركية» من أجل تفتيت العالم العربي والإسلامي؟ ماذا عن أدبيات ثلاثين عاما من تصوير نظام الحكم في مصر على أنه خائن بقبوله اتفاقية السلام الإسرائيلية – المصرية، واليوم يلجأ «الإخوان» إلى واشنطن لتعينهم على تسلم السلطة؟ وماذا عن عقول تلوثت بالشعارات الإخوانية الزائفة؟ وماذا، وماذا، وماذا...؟ للأسف.. إن لا أحد يكترث!

[email protected]