«بن لادن».. القصة

TT

كنت في أحد المؤتمرات الكبرى التي تجمع الضيوف والخبراء من شتى أنحاء العالم لتبادل الخبرات والتعارف والتواصل، وكنت في استراحة بين فقرات المؤتمر العامرة أتبادل أطراف الحديث مع صديق لم أره منذ زمن وقد أتى إلى المؤتمر برفقة رجل أعمال أميركي، وكان المؤتمر يحظى بمتابعة إعلامية كبيرة، وكذلك برعاية من كبرى الشركات الموجودة بالمنطقة العربية، وقد علق الضيف الأميركي الذي يزور المنطقة العربية لأول مرة على وجود شركة «بن لادن» السعودية كأحد رعاة المؤتمر، وقال: إن هذا الاسم مرتبط بالحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، فلم أدعه يسترسل في الحديث «المتوقع» وقاطعته بأن شركة «بن لادن» في السعودية والعالم العربي قصة نجاح بامتياز، ساهمت في مشاريع البنية التحتية بمختلف أشكالها في المملكة العربية السعودية وفي كل القطاعات، من مطارات وموانئ وطرق وجسور ومحطات كهرباء ومبان وأبراج وغير ذلك، وطبعا مع عدم إغفال المشروع الأهم وهو المتعلق بالتوسعة المستمرة للحرمين الشريفين.

وأحدثت هذه الشركة نهجا مميزا في إدارة وتنفيذ المشاريع الكبرى ذات المواصفات المعقدة والجدول الزمني المضغوط، ودوما ما يتم الإنجاز بشكل مميز ولافت، وكان نتاج ذلك خبرة تراكمية تجمعت عبر الأزمنة والسنوات لتكون ثقافة عمل مختلفة مكنت الشركة من أن تتحول إلى أكبر شركة مقاولات في العالم. وهذه الشركة التي أسسها ذات يوم منذ عقود طويلة الراحل محمد بن لادن كبرت بأبنائه الذين برع منهم أكثر من شخصية إدارية مميزة تمكنت من أن تكبر بهذا الصرح العملاق إلى مراحل غير مسبوقة من النجاح المميز. فبعد رحيل الابن «سالم» في حادثة طيران مؤلمة تبوأ مكانه شقيقه «بكر» وانتقل بالشركة إلى مصاف الشركات العالمية الكبرى، وطور الأداء الإداري بشكل مميز جدا.

وكان نتيجة ذلك الدخول في مجالات جديدة للشركة، قامت بتنفيذ المشاريع بجدارة وامتياز وتفوق. وأدخل المهندس بكر بن لادن، أو أبو نواف كما يحلو لمحبيه أن ينادوه، هيكلة جديدة للشركة بحسب القطاعات، وطور مفهوم الإدارة للشركات العائلية. واليوم بالإضافة لبعض إخوانه المميزين في الشركة، مثل يحيى وأحمد وصالح ومحمد وغيرهم، يوجد الآن الجيل الثالث من الأحفاد يحتلون مراكز تنفيذية لافتة، وكذلك كان اهتمام الشركة واضحا بتطوير علاقات شراكة استراتيجية مع عدد غير قليل من الشركات العملاقة حول العالم للاستفادة من خبرتها وميزتها التنافسية.

ومن الاستفادة التي حصلت للشركة بسبب مشاريعها بالسعودية توسعت الشركة في مناطق مختلفة حول العالم، فكانت في الإمارات العربية المتحدة وفي مصر وسوريا ولبنان والأردن وماليزيا وغيرها، وقاموا بتنفيذ مشاريع عملاقة في هذه الدول وسط منافسات مفتوحة مع شركات كبرى عالمية ومحلية. وزادت حرفية ومهنية الشركة واتسعت قدراتها وخبراتها ودخلت في مجال التصنيع المتكامل، وأصبحت تنتج كل الاحتياجات المصاحبة للمشاريع من السلع والمواد، وعلى أعلى معايير الجودة وأدق قياس للتصنيف.

وحقيقة أستغرب من يقول إن الشركة لديها فرصة استثنائية للحصول على الأعمال بالطريقة التي تقوم بها، وهذا هراء، فهناك شركات أخرى كان لها نفس «الميزة الخاصة»، ومنها ما نجح في استغلال تلك الميزة الخاصة بالتطوير والتحسين والإبداع، ومنها ما لم يستطع، فـ«الراجحي» كان أول مصرف يسمح له بأن يكون بنكا إسلاميا، واستغل ذلك جيدا وأجاد، وكذلك هناك «أرامكو» التي لديها حق احتكاري للتنقيب عن النفط، فتألقت وأجادت، بينما لا يمكننا قول الشيء نفسه بحق «الخطوط السعودية» التي لديها حق امتياز فريد من نوعه، ويبقى أداؤها دون الطموحات. كل ذلك كنت أشرحه للرجل الأميركي لأوضح له أن شركة «بن لادن» والأسرة الكريمة التي أسست وتملك الشركة اليوم هي قصة نجاح مميزة ومهمة يفتخر بها كل سعودي منصف وأمين وعادل، وأنها نتاج سنين من حسن الإدارة وجودة الإتقان وتخطيط وتطوير.

أعتقد أني أوصلت للرجل بوضوح فكرة أن سطحية التعامل مع الأسماء والثقافات بصورة نمطية هي نوع من السذاجة المرفوضة، وعليه فإن قصة نجاح شركة «بن لادن» أبلغ دليل على أن هناك قصة أكبر وراء الاسم.

[email protected]