مرسي ودور المؤسسة العسكرية المصرية

TT

مع إعلان فوز محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، بالرئاسة يوم الأحد، يبدأ اختبار شامل «للنموذج التركي» للديمقراطية الإسلامية المتغنى به بما يتضمنه من عامل يزعج الناس في مصر حاليا، وإن كان مكونا أساسيا من مكونات نهضة تركيا وتحولها إلى قوة إقليمية كبرى، وهو الجيش القوي المستعد دوما للعب دور الحامي للدولة المستقرة العلمانية ذات التوجه الغربي.

لقد تعثر المجلس العسكري المصري وتخبط خلال المرحلة الانتقالية، وبذل جنرالاته جهدا دنيئا لحماية أنفسهم وامتيازاتهم. والآن بعد إعلان الرئيس الجديد لمصر، ينبغي عليهم أن يبتعدوا عن الساحة ويفتحوا الطريق أمام انتخابات تشريعية مبكرة من أجل انتخاب برلمان جديد بدلا من الذي أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بحله منذ نحو أسبوعين. ومع ذلك سأدهش إذا لم يشعر مرسي والإخوان المسلمون ببعض الارتياح من وجود المؤسسة العسكرية كركيزة في المرحلة الحرجة المقبلة في مصر. وستكون المهمة الأولى هي إنقاذ الاقتصاد من خلال طمأنة المستثمرين والسياح والمتبرعين الأجانب الآخرين بأن مصر بيئة آمنة للعمل. وقد يكون هذا مستحيلا من دون مساعدة الجيش.

بدا خيرت الشاطر، وهو من صناع القرار داخل جماعة الإخوان المسلمين، مدركا لمزايا هذه الشراكة الأمنية عندما رأيته قبل بضعة أيام من جولة الإعادة في 16 و17 يونيو (حزيران)، وقال: «الصدام ليس من شيمنا»، وذلك في معرض توضيحه لسبب اتجاه حكومة مرسي للإبقاء على بعض قيادات الجيش والاستخبارات. وأوضح أنه يدرك كم سيكون ذلك مؤشرا هاما على الاستقرار أمام حكومات الدول الأخرى. وينبغي أن يتراجع الجيش الآن ويعود إلى مهامه الأصيلة المتمثلة في حماية الدولة من الأخطار الخارجية والدستور المتأزم، ويترك الساحة السياسية للمدنيين. يشبه هذا إلى حد كبير الوضع الذي رأى الناس عليه تركيا خلال نهاية حقبة كمال أتاتورك عندما استمر الجيش في السيطرة على المعايير والأسس السياسية للحفاظ على الهوية العلمانية للدولة التي أسسها كمال أتاتورك عام 1919. ومن تلك المساحة المحمية الآمنة حتى بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، الذي يتهمه البعض بالتطرف وينظر إليه باعتباره فرعا من جماعة الإخوان المسلمين، خرجت تركيا الحديثة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.

مصر بحاجة إلى حكومة مدنية قوية قادرة على تحقيق مطالب الثورة، ومنها مقاومة الفساد والتوزيع العادل لثمار مشروع الحرية. مع ذلك صحيح أن مصر المضطربة الآن بحاجة إلى الاستقرار الذي سينبع من إقامة شراكة ديمقراطية بين «الجندي والدولة»، وهو عنوان كتاب شهير لصامويل هنتنغتون. الأفضل من هذا التعبير هو وصفة هنتنغتون الشهيرة للمستقبل وهي «صدام الحضارات».

* خدمة «واشنطن بوست»