مؤتمر جنيف العجيب!

TT

إذا كان مؤتمر جنيف الخاص بسوريا لا يحتوي على أي اتفاقات شفهية أو مكتوبة سرية بين كل الأطراف والوفد الروسي، فإن نتيجة هذا اللقاء هي في حقيقتها صيغة «تافهة» و«مائعة» بلا طعم أو لون أو رائحة تعزز استمرار القتل والمجازر!

يكذب من يقول لك إن القوى الدولية تتحرك سياسيا من أجل وقف القتل للأبرياء وحماية المدنيين العزل وحماية الحق المقدس للتظاهر والاحتجاج السلمي على أي نظام حاكم.

يكذب من يقول لك إن «ضمير العالم» يئن ويتعذب لأن هناك قرى وأحياء وعائلات بأكملها تتم إبادتها تحت سمع وبصر المراقبين الدوليين للأمم المتحدة.

الجميع، وعلى رأسهم الكبار، لا يتحركون وإلا فوفق قائمة مصالح ضيقة، وخاصة في تعاملهم مع أي من الملفات الملتهبة.

واشنطن الآن مشغولة فقط بملف واحد وهو الانتخابات الرئاسية التي سوف يتم حسمها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لذلك فإن أي تحرك سياسي أميركي في الشؤون الخارجية يعتمد على مدى النفع أو الضرر الذي يمكن أن يصيب إدارة أوباما في تلك المعركة الرئاسية.

أما الاتحاد الأوروبي المحمل بجراح الديون الأوروبية وفاتورتها الباهظة التي يجب أن يتم دفعها لإنقاذ اقتصاد اليونان وإسبانيا، فهو غير راغب في تمويل أي حملة عسكرية أو تقديم أي مساعدات مالية جديدة.

وتقف بكين وموسكو موقف اللاعب الماهر الذي يتشدد بشكل دائم بهدف التعطيل للإرادة الدولية حتى تأتي اللحظة المناسبة التي يقدم فيها العالم الثمن المناسب للتضحية بنظام الأسد والحصول على ضمانات دولية بأن النظام الجديد في دمشق لا يعني بالضرورة حرمانه من امتيازاتهم السابقة.

المثير في البيان الختامي لمؤتمر جنيف أنه بيان واحد صادر عن مجموعة دول، ولكن له عدة تأويلات وتفسيرات!

المعارضة السورية تراه كارثة سياسية ورخصة دولية لاستمرار القتل والمجازر، والأمم المتحدة تراه خطوة إيجابية، أما السيدة كلينتون فهي تدعي أنه ترتيبات واضحة لنظام ما بعد الأسد، أما النظام السوري فإنه، حتى وإن لم يصرح بذلك، يشعر بأنه قد كتبت له حياة سياسية جديدة عمرها نصف عام على الأقل!