اضحك مع سيرغي

TT

على المرء أن يتمتع بحس الدعابة حتى وهو يقرأ أخبار الجنازات في سوريا، وعندما يستيقظ من النوم في الصباح ويكون أول شيء يسمع به عدد القتلى وفق بيان التنسيقيات، فبدلا من أن يشعر بالحزن واليأس، عليه أن يتذكر الرفيق سيرغي لافروف، ويضحك، إنه البرنامج اليومي «اضحك مع سيرغي فيكتوروفيتش»، مندوب الاتحاد السوفياتي في الجمهورية الروسية الاتحادية.

قال الرجل الذي لم يضبط مرة مبتسما: إنه عندما قالت المستشارة الألمانية ميركل للرئيس الروسي البائس البشوش: «لماذا لا تعرضون اللجوء الآمن على الرئيس السوري؟» اعتقد فلاديمير بوتين، المعروف بروح المزاح، أن الأمر دعابة، لكن الغرب، الذي يفتقر إلى هذه الموهبة، هو الذي أخذ المسألة على محمل الجد. ثقيل الدم هذا الغرب. ولا يفقه ما يتمتع به الثنائي بوتين – لافروف على المسرح الدولي. كيف؟ مثلا يتحول بوتين من رئيس جمهورية إلى رئيس وزراء إلى رئيس جمهورية ويبقى سيرغي لافروف وزيرا للخارجية بسبب موهبته القاتلة. الدعابة في زمن الموت الجماعي.

لم ينتبه أحد منكم إلى المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد في موسكو بين سيرغي ووليد. أي الدكتور وليد المعلم الذي أصر طوال الوقت على الإشارة إلى زميله ونده الروسي باسم التحبب الأول: قلت لسيرغي وسيرغي قال لي. تلك كانت الشطحة الإنسانية الوحيدة في عروض سيرغي التلفزيونية في العامين الأخيرين. الباقي كله كان NYET، لا، لا. ثم الموال الفيروزي الشهير: يابا لالا – يابا لالا. بتحبينا؟ لا. بتحاكينا؟ لا يا بالالا لا.

تخيل أن العلاقة بين دولة مثل روسيا وألمانيا التي أعانتها ماديا على عدم الإفلاس بعد انهيار السوفيات، تقوم على حس الدعابة في قضية مأساوية مثل القضية السورية. تخيل أن قمة بين ميركل وبوتين يكون الثالث فيها حس الدعابة الألماني أو الروسي. القيصران. ويلهلم ونيقولاي. واحد على الراين وآخر على الفولغا. مهضوم لافروف. أو كما كان يقول غوار الطوشي قبل غياب الضحك والابتسام: «إيه شو هالحكي، والله مهضوم».

بعكس جميع الأرمن في بلاد انتشارهم الكثيرة، يرفض سيرغي أن يضبط مبتسما أو منفرج الأسارير. هذه مدرسة معلمه أندريه غروميكو الذي ظل عاقد الحاجبين على الجبين اللجين (أيضا فيروز) إلى أن انتخب رئيسا للدولة، فتبسم. لكن الدولة كانت قد بدأت بالانهيار لكثرة ما زم غروميكو شفتيه وكرر NYET.

الباسم الوحيد في القيادة السوفياتية كان الأرمني الدائم انستاس ميكويان. الآن يعوض عنه بالمكفهر لافروف. أو سيرغي كما دللـه رفيقه وليد.