لا تقل فاصوليا وقل أوليفوسخريد

TT

يصف الإنجليز الطفل الجيد الصحة بأنه مليء بالفاصوليا، لكن لهذه المادة دلالة أخرى عندنا، فهي وأخواتها من الباقلاء والفول مصدر جيد للكثير من النكات بالنظر لما تسببه من غازات في البطن وما تسببه هذه الغازات من أصوات وروائح. النكتة المفضلة عندي وردتني من عهد صدام حسين، حين شحت الفاصوليا من الأسواق، رأى رجل صفا طويلا أمام أحد الدكاكين، فانضم إليه دون سؤال، أي شيء، صابون أو خبز أو مسامير.. أي شيء وكل شيء مفقود. خرجت بعد دقائق ريح من ذلك الرجل، فالتفت إليه الواقفون، ترك الصف في خجله مما جرى، لكنه لاحظ أن كل الآخرين انفضوا مثله عن الصف وراحوا يتبعونه حيثما ذهب، وقفوا حيث وقف، ومشوا حيث مشى. ضاق ذرعا بهم، فالتفت إليهم أخيرا، وقال: «يا جماعة سامحوني، غلطت وطلعت مني ريح.. أعتذر».

أجابه أحدهم: «أخي أنت معذور، ما عندنا أي شيء ضدك، لكن أنا ماشي وراك بس أريد أعرف من وين حصلت على الفاصوليا».

انطلاقا من إيمان الغربيين بأن الفاصوليا تعني الصحة الجيدة، فقد ضموها إلى غذاء رجال الفضاء، ثم اكتشفوا هذه المشكلة، وهي أن مادة الأوليفوسخريد الموجودة في حبات الفاصوليا تسبب تكون الغازات، فتخلق مشكلة كبيرة لرجال الفضاء، فنحن على الأرض لدينا الضغط الجوي الذي يكبح تبطل البطن ويحبس الغاز في مكانه بالأمعاء، لكن هذا الضغط يزول في الفضاء فتنتفخ بطون الرجال وتخرج الغازات بشكل طليق وتحيل المركبة الفضائية إلى بالوعة من الروائح الكريهة.

لم أسمع بعد عما توصل إليه علماء الفضاء من علاج للمشكلة، وإلا لاشتريت كمية كافية منه لصديقي الدكتور أبو عدنان، كلما ركب معي في سيارتي، لكنني أعرف أنهم ضمن الفحص الطبي الذي يجرونه على المتقدمين للعمل في الفضاء، يفحصون الشخص عن قدرة أمعائه على التعامل مع أوليفوسخريد الفاصوليا، وكل ذلك حرص على سلامة البيئة الفضائية.

هذا ميدان في الواقع مفتوح لكثير من الأبحاث العلمية، وطالما كانت مساهمات علمائنا في ميدان الأبحاث العلمية بدرجة صفر، فلربما يستطيعون أن يخرجوا منه بشيء، ولا سيما أن أكثرهم مغرمون بأكل الفول، هناك مثلا إمكانية طيران الإنسان العربي، فبالتوصل إلى طريقة لمضاعفة آثار الأوليفوسخريد ستمتلئ بطوننا بالغاز إلى الحد الذي يجعلنا نطير في الهواء فيسهل علينا الهرب من أوطاننا دون حاجة إلى جواز سفر أو سمات دخول وخروج.

هناك الإمكانية الأخرى بإغناء غازات البطن بروائح عطرية جميلة بحيث تغنينا عن استعمال البخور والعطور.

وفي هذه الأثناء وطالما انحصرت مساهماتنا في إطار الكلام واللغة، فأعتقد أن من الجدير بنا أن نهذب كلامنا فنتحاشى استعمال المفردات القبيحة، وهو ما حاولت أن أفعله في هذه المقالة، ونستبدل بها مفردات حضارية مقبولة.

فعندما تواجهنا فجأة رائحة في السيارة، نقول للسائق، افتح الشباك رجاء، الأوليفوسخريد عمانا، أو نتذمر فنقول: «أوف من أطلق هذه السخريدة؟»، وفي كل ذلك تكون الإشارة إلى أسعار الفول والفاصوليا وسيلة جيدة للإشارة إلى هذه المعاناة.