ما الذي يجب أن تفعله الولايات المتحدة لمد يد العون لسوريا؟

TT

أدان المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان يوم الجمعة الماضي المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص في قرية التريمسة بسوريا، والتي يعتقد أنها الأفظع منذ اندلاع المظاهرات في ربيع 2011. لكن ما الإجراءات الأخرى التي سيتم اتخاذها حيال الوضع في سوريا؟ ظهرت عدة حجج تعارض اتخاذ أميركا رد فعل أقوى تجاه الأزمة السورية، من بينها:

- نحن لا نملك المعلومات الكافية عن المعارضة السورية والمنشقين من الجيش السوري.

- التبعات اللاحقة قد تكون أسوأ.

- أشكال التدخل السابقة لم تسر على ما يرام.

- لا يمكننا التدخل في جميع المناطق.

لا تتماشى أي من هذه الحجج مع الفحص الأخلاقي أو الجيوسياسي.

حتى الآن، قتل أكثر من 17 ألف شخص، معظمهم في هجمات عشوائية على المدن من قبل الجيش السوري، أو في مذابح للمدنيين على أيدي قوات الأمن السورية ورجال الميليشيات المتحالفين معها «الشبيحة». تنزلق سوريا بشكل سريع نحو حرب أهلية قد تؤدي إلى تطهير عرقي على غرار ما حدث في العراق في عام 2006. وسيكون لهذا عواقب وخيمة بالنسبة للاستقرار الإقليمي. إن إيران وروسيا تلعبان بالفعل دورا عسكريا في سوريا، سواء من خلال القوات على الأرض (إيران) أو صفقات بيع الأسلحة الرئيسية (روسيا). وقد انضمت الصين، التي يحدوها خوف من التدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان، إلى روسيا في حماية دمشق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

على الجانب الآخر، طالبت كل من المملكة العربية السعودية وقطر بتسليح وتمويل المعارضة المسلحة. إن المعارضة المسلحة في سوريا تحقق تقدما متزايدا، حسبما اكتشف معهد دراسات الحرب. لقد ولدت خطة أنان لمستقبل سوريا التي تؤيد جنبا إلى جنب أهدافا أخرى، قيام «حكومة وحدة وطنية» التي لن يقبل بها أي من الطرفين ميتة حتى من قبل أن يتم رفضها في الاجتماعات الدولية الأخيرة. يدرك الطرفان أن بقاءهما مهدد ولن يستسلما.

ومع بدء تشكل مستقبل سوريا بالفعل، ثمة سؤال مطروح على السطح، ألا وهو: هل ستلعب الولايات المتحدة دورا في تشكيله أم ستتنحى جانبا وتترك لهؤلاء، الأقل التزاما بالمبادئ الديمقراطية، تلك المهمة؟

لا يمكن أن تتحمل الولايات المتحدة الوقوف على الهامش. فالوضع المتردي في سوريا من المرجح أن ينتقل للعراق ولبنان، ويؤدي إلى تدفق المزيد من اللاجئين الواهنين إلى تركيا ودول جوار أخرى. وسوف يتسبب هذا بدوره في احتدام حرب بالوكالة بين السعودية وحلفائها من دول الخليج وإيران. إن انهيار سوريا قد يشكل تهديدا، من جانب الجماعات المتشددة، لشعور إسرائيل بالأمن، ويضاعف من خطر حدوث سوء تقدير أو وقوع نزاع.

لكن هذه الأزمة تقدم في الوقت ذاته فرصا؛ فتدمير نظام الأسد الذي يعاني حالة من الضعف، نتيجة تزايد الانشقاقات في صفوف الجيش بما في ذلك اللواء مناف طلاس، ابن وزير الدفاع الأسبق، سيرفع من التوقعات بتحرك دولة أخرى نحو الديمقراطية في قلب الشرق الأوسط. وتخليص حليف أساسي من قبضة إيران يمكن أن يرجح كفة ميزان القوة في لبنان ويضعف القيادة الإيرانية. وكسر تحالف طهران - دمشق على الحدود الشرقية والغربية في العراق قد يساعد العراق في نضاله نحو الديمقراطية.

ينبغي على إدارة أوباما أن تلقي بثقلها بقوة مع المعارضة سواء المدنية أو العسكرية، فهي بحاجة إلى وقف الحديث عما لن تفعله والبدء في الحديث حول ما يمكنها القيام به لوقف نزيف الدماء. هذا سيجعل سقوط النظام والتحول إلى دولة مستقرة وأكثر ديمقراطية أكثر احتمالية.

في البداية، يجب على الإدارة وقف اتصالاتها غير الرسمية مع مجموعة المعارضة الرئيسة (المجلس الوطني السوري) والاعتراف به والعمل معه كسلطة انتقالية. وهذا سيعزز قدرة المجلس الوطني السوري في الحديث بفاعلية إلى العالم الخارجي والتخطيط لمستقبل سوريا. وفي المقابل، ينبغي على الإدارة أن تصر على أن يبني المجلس الوطني السوري جسورا مع الأقليات، مثل المسيحيين والشيعة العلوية السورية، الذين يواصلون دعمهم للنظام خوفا مما قد يلي سقوط نظام الأسد العلوي.

بالمثل، ينبغي على واشنطن أن تقدم المساعدة العلنية للجيش السوري الحر، والمعارضة العسكرية التي مقرها تركيا، والتنسيق مع العناصر العسكرية في سوريا، وبشكل خاص المجالس العسكرية الإقليمية. وينبغي على الإدارة أن تلعب دورا أكثر نشاطا في تنسيق تسليم الأسلحة من الأطراف الأخرى، لضمان وصولها إلى العناصر العلمانية من المعارضة الذين لن ينقلبوا علينا إذا ما فازوا. كما ينبغي على الولايات المتحدة أيضا أن تقدم الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخبارية، وتساعد على ضمان أن تصبح شريكا مرغوبا ذا تأثير مناسب.

ينبغي على البيت الأبيض أن يدرس تنفيذ الممرات الإنسانية (مناطق لا يسمح فيها بالقيادة)، ومنطقة حظر للطيران لمواجهة استخدام النظام المتواصل للمروحيات. وينبغي أن تدشن مباحثات رسمية حول تنفيذ هذه الإجراءات مع حلفائها من الناتو. فمجرد التخطيط لخيارات عسكرية جادة سيكون له تأثير نفسي مهم على النظام وقواته العسكرية، وقد يدفع إلى مزيد من الانشقاقات.

دروس الأشياء التي لا ينبغي علينا أن نفعلها عندما نتدخل تعلمناها بالطريقة الصعبة في العراق وأفغانستان. وقد قدمت لنا سربرينيتسا ورواندا دروسهما الصعبة أيضا، والأهم من ذلك هو التكلفة في الأرواح والموقف الأخلاقي الأميركي، للفشل في التدخل. ينبغي على الولايات المتحدة استدعاء المهارات القيادية، كما فعلت في ليبيا، وأن تضع نهاية للنزاع الكارثي الذي يتحدى شعورنا بأنفسنا كأميركيين، فضلا عن مصالحنا الوطنية.

* خدمة «واشنطن بوست»