هل يستطيع نتنياهو إنقاذ رومني؟

TT

إن بول ريان، المرشح الذي طال انتظاره لمنصب نائب الرئيس مع ميت رومني، هو نائب عن ولاية ويسكونسن، وقد هاجمه الديمقراطيون واصفين إياه بأنه «صقر من صقور الميزانية» لديه استعداد لارتكاب كل الشرور في حق الشعب الأميركي من خلال مسؤولياته المالية، ولكن على الأقل على الورق، ربما يكون الرجل اختيارا أفضل من نائب الرئيس جو بايدن، العضو السابق في مجلس الشيوخ.

فمقارنة مع بايدن، الذي يقترب عمره من السبعين، فإن ريان يبلغ من العمر 42 عاما فقط، ومن المؤكد أنه سيضفي قوة وحيوية على حملة رومني البالغ من العمر 65 عاما. وقد وقع الأخير في واحدة من زلاته حين أعلن أن ريان هو «الرئيس المقبل للولايات المتحدة»، فهو بهذا يشير ضمنيا إلى أنه قد يصبح الرئيس ولكنه سيتعرض عندئذ للاغتيال أثناء مدة ولايته، وعلى الرغم من أنه سرعان ما صحح نفسه، فقد كانت هذه الواقعة مثارا للسخرية.

والحقيقة أن ريان ربما لا يكون هو الشخص الذي يقرر ما إذا كان رومني سيصبح رئيسا أم لا، بل هناك شخص آخر يستطيع أن يقرر مصير المرشح الجمهوري، وهذا الشخص هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو؛ فقد كان الرجلان، نتنياهو ورومني، قريبين للغاية بعضهما من بعض منذ الصغر، وقد زار رومني إسرائيل في إطار رحلته الوحيدة التي قام بها إلى أوروبا والمنطقة. وفي المقابل، فإن باراك أوباما ونتنياهو عدوان لدودان، ولا يرفع نتنياهو عينيه عن الساعة في انتظار رؤية أوباما وهو يغادر الرئاسة بعد ولايته الأولى.

وعلى الجانب الآخر من المعادلة الأميركية، فمن الممكن أن يفعل نتنياهو أي شيء كي يرى رومني الرئيس المقبل للولايات المتحدة، فالاثنان يوجد بينهما تقارب آيديولوجي، وهو يعلم أن رومني سوف يفعل أي شيء لدعمه عندما يصبح رئيسا.

والآن لننظر إلى أحد السيناريوهات الأكثر تشاؤما الذي يقوم على توجيه نتنياهو ضربة قوية إلى إيران، عدوه الأكبر، مما سيجبر أوباما على مساندة إسرائيل. وأوباما نفسه دائما ما كان يكره نتنياهو واحتمالية أن يضرب إيران بناء على قرار منفرد، إلا أنه لا يستطيع البقاء بعيدا عن الموقف في نظر الرأي العام الأميركي، وسوف يساند إسرائيل بشكل أو بآخر في مواجهة الهجمات الإيرانية على أقرب صديق لهم في المنطقة.

غير أن ضربة من إسرائيل هي ما يتمنى الإيرانيون أيضا أن يروه، وهو أن يتعرضوا لهجوم من عدوهم في أسوأ توقيت في التاريخ، فالنظام الإيراني لن يسقط بفعل هذا الهجوم، كما ستظل ترسانته النووية سليمة، وسوف يسعده أن يرى وضعا يتورط فيه أعداؤه الأميركيون في ورطة دراماتيكية بشأن إسرائيل.

ومن المؤكد أن أوباما، على الرغم من كراهيته لنتنياهو وممانعته لمساندة إسرائيل، سوف يقف إلى جانب نتنياهو، وفي هذه الحالة سوف يدعو رومني بالتأكيد إلى توجيه ضربة قاصمة إلى إيران. ولنتخيل تأثير هذا الوضع على الصعيد الدولي وعلى التعاطف الذي حشدته الولايات المتحدة من خلال موقفها من ثورات الربيع العربي. بل إن نتنياهو لديه من القوة ما يستطيع به أن يؤثر على هذه الانتخابات الأميركية عن طريق ضرب إيران قبل الانتخابات بوقت قصير، فتأثير هذه الضربة على إيران سيكون غير ذي أهمية مقارنة بنتائج الانتخابات، حيث سيتم بالتأكيد انتخاب رومني.

والاختيار الأمثل هو أن يظل نتنياهو بمنأى عن هذا النوع من المخاطرة بإسرائيل وبالانتخابات الأميركية، ولكن هذا هو أحد الاحتمالات التي يمكن أن ينفذها نتنياهو في المنطقة، وبهذه الطريقة، في مقابل الزج بإسرائيل في مخاطرة مؤكدة، سوف يتخلص من الرئيس الذي كان يكرهه أكثر من أي شيء آخر في السنوات الأخيرة، وقد يحل محله شخص يحترمه هو وبلاده أشد الاحترام.

فلنأمل أن لا يتحقق مثل هذا السيناريو.

وكلمة أخيرة أود أن أوجهها إلى الجمهوريين الأتراك الأميركيين: لقد حصل بول ريان على تقديرات «A -» و«A -» و«B» من اللجنة الوطنية الأرمنية بأميركا لمشاركته في دعم عدد من القرارات الأخيرة بشأن «الإبادة الجماعية للأرمن»، غير أنه ما زال لا يعتبر من أكثر النواب شعبية.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية