دردشات بغدادية

TT

لا أدري لماذا تعددت الرسائل التي تناولت مدينة بغداد وتاريخها ومصيرها. كانت منها رسالة القارئ الكريم حيدر الهلالي.. يسألني عن اسم المدينة، مم اشتق ومن أي لغة. والحق معه، فرغم أن بغداد بناها خليفة عربي، أبو جعفر المنصور، وأصبحت عاصمة الإمبراطورية العربية الإسلامية لقرون طويلة، فإن الكلمة غير عربية في الواقع. نرى اليهود يدعون بأنها كانت قرية من قراهم بنوها في زمن البابليين ويجزئون الاسم إلى أصوله العبرية. والفرس طبعا يقولون إنها اسم فارسي أطلقوه على ذلك المكان في عهد الساسانيين. ونحن نعتقد أنه اسم عربي ابتدعه المنصور. ولربما نسمع قريبا من واشنطن: بل هو اسم أطلقه الأميركان عليها، فالاسم يتكون من bag (شنطة) وdad (أبي).

يسألني من السعودية القارئ الفاضل أبو عثمان عن الأمير عبد الإله رحمه الله: هل كان وصيا أم وليا للعهد؟ الحقيقة هي أنه أصبح وصيا على ابن أخته المغفور له فيصل الثاني بعد وفاة الملك غازي. بيد أنه عدل الدستور في ما بعد ليصبح وليا للعهد بالإضافة للوصاية.

اعترض بعض العراقيين، ومنهم سامي البغدادي من إيطاليا والسيد مازن من فرنسا، على استشهادي بالمثل البغدادي «بغداد مبنية بتمر احفر وكل خستاوي». قالوا والحق معهم إن كلمة «احفر» غلط والأصل يقول «فلش». ليس لي غير أن أعترف بذلك. ولكن هذا ما أفعله كثيرا بالكلمات العامية البغدادية. فيجب أن نتذكر أن هذه الصحيفة يقرأها قراء عرب ومستعربون في شتى جهات المعمورة من إندونيسيا إلى أميركا. وبالطبع مفردات اللهجة البغدادية غير معروفة عندهم، بل ولا حتى في جهات أخرى من العراق ذاته. ولما كنت حريصا على أن يكون ما أكتبه مفهوما لدى الجميع أضطر أحيانا إلى استبدال بالمفردات العامية أخرى أكثر وضوحا وفهما.

كثيرا ما صعق العراقيون عند سماعهم أن الوزير الفلاني أو النائب الفلاني كان يحمل جنسية بريطانية أو فرنسية أو أميركية. وقد علق العميد نشأت إبراهيم الخفاجي على ذلك بقوله إن القوانين العراقية حتى سقوط نظام صدام حسين عام 2003 لم تكن تسمح بازدواج الجنسية، وتنص على عدم جواز إعطاء الجنسية العراقية لمن يحمل جنسية أجنبية حتى يتم إلغاء تلك الجنسية.

إن ما حصل بعد 2003 هو أن كثيرا من العائدين كانوا من كبار المثقفين والمشاغبين ومن حملة مؤهلات عالية وكسبوا خبرات كبيرة من عملهم في الخارج وساهموا في إسقاط نظام صدام حسين. وكانت السلطات العراقية قد ألغت جنسيتهم وجوازات سفرهم لشتى الأسباب.. فاضطروا إلى الحصول على جنسيات البلدان التي أقاموا فيها في الغربة. ليس من الإنصاف حرمانهم وحرمان العراق منهم لمجرد أنهم اكتسبوا جنسيات أجنبية. ولكن المفترض عند استعادة جنسيتهم العراقية أن يلغوا أولا جنسياتهم الأجنبية، ولا سيما إذا تطلعوا لتسلم مناصب سياسية حساسة. فمن شروط اكتساب الجنسية البريطانية مثلا أن يقسم الشخص بولائه لملكة بريطانيا. ويعني ذلك ازدواجية بالولاء. لهذا فمن الضروري إعطاؤهم هذا الخيار بين الولاء لبريطانيا والولاء للعراق، وأن يؤدوا قسما بإلغاء الولاء للأجنبي.