تصريح إيراني مهم!

TT

تحدث مساعد وزير الأمن الإيراني حجة الإسلام خزاعي قبل يومين حديثا مهما عن أسباب دعم بلاده لطاغية دمشق الأسد، وموقف إيران من العراق، وما وصفه بمعجزة بقاء، وعدم انهيار، النظام السياسي في بلاده منذ الثورة الخمينية إلى اليوم، وعما سماه كذلك بمركز الشيعة في منطقة الشرق الأوسط.

أهمية تصريحات خزاعي تكمن في أنها تأتي مباشرة، ومن دون مواربة، حول مصالح إيران في المنطقة التي تقوم على توسيع، وترسيخ، النفوذ الإيراني وفق منطق طائفي، وليس التعاون، وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول العربية. فالوزير الإيراني يرى أن أحد أهم أسباب دعم طهران للأسد اليوم هو وقوف النظام الأسدي مع إيران في ما سماه «الحرب المقدسة»، أي الحرب العراقية - الإيرانية، وكيف أن بلاده قاومت الأميركيين في العراق، ومنعتهم من بسط النفوذ في بلاد الرافدين، وأفسدت مشروعهم الديمقراطي هناك، لأنه كان يعني تهديدا للمصالح الإيرانية والأسدية.

فخزاعي يقول، وبحسب ما نقلته عنه وكالة «مهر» الإيرانية، إن الأميركيين «كانوا يعتزمون السيطرة على الشرق الأوسط التي تعتبر أكثر مناطق العالم الجيوسياسية حساسية، والتي تحتوي على 70% من مصادر الطاقة في العالم، وتعتبر مركز الشيعة، حيث كان موضوع الشرق الأوسط الجديد، والعراق مجرد ذريعة، وصرحوا بأنهم جاءوا لإقامة برج الديمقراطية في العراق لتلقي ظلالها على إيران وسوريا»، مما يعني أن إيران ترى الأسد من أهم أدواتها لبسط النفوذ في المنطقة لا أكثر ولا أقل!

هكذا يتحدث المسؤول عن ملف الأمن الإيراني، وبكل وضوح، حول رؤية إيران للمنطقة، وأسباب دعمها للنظام الأسدي، وطبيعة علاقة طهران بالعراق، وعكس ما يردده اللوبي الإيراني في منطقتنا. فالقصة كلها النفوذ والطائفية لخدمة الثورة الخمينية، فإيران لا تنظر إلى دولنا، وتحديدا العراق، وسوريا، ولبنان، إلا كونها مركز «الشيعة» فقط، ولا تحترم سيادة دولنا، ناهيك باعترافها بحق التنوع، والعيش المشترك. فالمهم بالنسبة لملالي إيران هو ترسيخ نفوذ المشروع الخميني وفق أدوات طائفية، وتطويع الديمقراطية التي تعتبرها إيران «برجا» أميركيا واهيا، لتنفيذ ذلك المشروع!

واللافت اليوم أن أكثر من يتحدث عن الديمقراطية في منطقتنا هم حلفاء إيران سواء في العراق أو لبنان، وبعض دول الخليج، وحتى بعض دول الربيع العربي، خصوصا من يتحدثون عن ضرورة الانفتاح على إيران!

نقول إن تصريحات الوزير خزاعي هي أحد أهم التصريحات الإيرانية لأنها تبين نوايا إيران تجاه منطقتنا، ودولنا، بتوقيت حساس، كما أنها تبين سذاجة بعض من تنطلي عليهم الوعود الإيرانية، رغم كل ما تفعله إيران بمنطقتنا. ولذا، فإن الوزير خزاعي محق وهو يقول إن بقاء النظام السياسي في بلاده إلى الآن، وعدم انهياره، يعتبر معجزة. فذلك لأن إيران تحقق مكاسب عدة بسبب استثمارها بحلفاء طائفيين - للأسف - في منطقتنا، كما أنها تستفيد من السذاجة الأميركية، والعجز العربي، خصوصا في الملف السوري. فالتعجيل بسقوط الأسد من شأنه أن يعيد إيران إلى حجمها الطبيعي، ويجعل مسؤوليها يواجهون استحقاقاتهم الداخلية بشكل جدي ولأول مرة منذ الثورة الخمينية.. وذلك بدلا من أن تواصل طهران اللعب خارج أراضيها، وعلى حساب مستقبلنا، ومقدراتنا.

[email protected]