إيران: مراجعة النفس

TT

هاجمت بعض وسائل الإعلام الإيرانية وبالذات تلك التي تتبع الحرس الثوري، خطاب الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في افتتاح قمة عدم الانحياز.

وجاء الهجوم في اتجاهين؛ اتجاه سياسي واتجاه مذهبي.

الهجوم السياسي جاء اعتراضا على وصف الدكتور مرسي الحكم السوري بالاستبداد، وأكد أن دعم الشعب السوري للتخلص من الطاغية هو واجب أخلاقي، إلى آخر الصفات القاسية والمحقة التي وجهها الرئيس المصري للنظام السوري.

وقام هجوم الدكتور مرسي في افتتاح المؤتمر بالتسبب في «هدم الفرح» وعملية «التسويق السياسي» التي كانت طهران تسعى إلى تفعيلها من خلال استخدام مناسبة مؤتمر قمة عدم الانحياز إلى مناسبة انحياز إلى النظام الإيراني المأزوم.

وكانت المدفعية الثقيلة التي وجهها الرئيس المصري إلى سوريا بمثابة صفعات سياسية على وجه السياسة الإيرانية التي تدافع عن الحليف السوري دفاعا مستميتا.

واذا كانت تصريحات الدكتور مرسي حول الموضوع السوري قد سببت إحراجا سياسيا لإيران، فإن ما جاء على لسانه في مستهل خطابه بالصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ثم إشادته بخلفائه سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم، هو إحراج مذهبي هائل.

وكان الرئيس المصري الذي يعبر عن أكبر دولة سنية عربية يريد أن يقول من طهران بشكل واضح لا لبس فيه إنه كقائد لدولة مسلمة سنية لا يخجل من الإشادة بالخلفاء وآل البيت الكرام، وإنه لا يقبل بأي إساءة لهم، واضعا خلاف أكثر من 1400 عام مرة أخرى على طاولة البحث.

هذه العبارات التي استهل بها الدكتور مرسي خطابه وضعت صانع القرار الإيراني في وضع حرج ودقيق ووضعت سياسة الحصار الحديدي الذي تفرضه طهران على وسائل الإعلام الرسمية التي لا تنشر ما فيه انتقادات لإيران أو هجوم عالمي على مجازر بشار الأسد، ولا يتم فيه تداول الثناء على سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم وكأنه نظام من العصر الحجري!

إن هذا العالم الافتراضي الذي صنعته إيران حول نفسها، هذا العالم القائم على نظرية أن الجميع متآمر وأن إيران هي الضحية، وأن الجميع مخطئ وإيران على صواب، وأن كل السنة على خطأ وإيران على صواب تاريخي وفقهي ومذهبي، هو منطق محكوم عليه بالفشل تاريخيا.

آن لصانع القرار الإيراني أن يقوم بمراجعة النفس في كافة الاتجاهات السياسية والأمنية والمذهبية وينظر للعالم نظرة غير فارسية وغير مذهبية وغير افتراضية.