قانون العقوبات في غابة الصمود

TT

كان صدام حسين يتحدث عن وفاة آلاف الأطفال بسبب الحصار على الأدوية، وكأن حياة هؤلاء مسؤولية المحتل. وكان معمر القذافي يطرد المصريين لأن حكومة القاهرة لم تقطع علاقاتها بالغرب. أي أن السياسة الليبية المليئة بالجريمة مرة أو بالزنخ مرة أخرى، أو دائما بالاثنين معا، هي مسؤولية الحكومة المصرية وليس القائد الملهم.

نظام العقوبات الذي يقيمه الغرب في وجه الأنظمة العتية أقصى ما يفعله في إيران أنه يجعل طهران تتباهى بصداقة الفنزويللي شافيز، الذي بدل أن يستقيل احتراما لشعبه قرر أن يستمر في الحكم من المستشفى في هافانا. ومنها سوف يعلن خوض المعركة الرئاسية إلى الأبد.

نصف قرن من الحصار الأميركي لكوبا، أدى إلى هجرة نصف الشعب الكوبي. وإلى تقاسم الحكم بين فيدل كاسترو وراؤول. أيضا كاسترو. على الأقل فيدل كاسترو سمع كلام أطبائه وتنحى لأخيه. ولم يصغ هوغو لفريق الأطباء نفسه. ولا فكر صدام حسين في تهريب الأدوية للأطفال من كوبا. فقط خرق الحصار باستيفاد الأطباء لمعالجته، ومعالجة طارق عزيز.

العقوبات تضحك هذا النوع من الأنظمة. فمتى كانت أحوال الشعوب هما أو موضوعا؟ من يعنيه كيف يعيش الإنسان البورمي أو الكوري الشمالي؟ هل تأثر النظام السوري أو الإيراني بانخفاض وحدة النقد أكثر من 50 في المائة؟ هل تأثرت قصور صدام بطبع ورقة المليار دينار؟ هل قل عدد الإنفاق في قصور أبناء القذافي كلما أمر السيد الوالد القائد بخفض الدينار 50 في المائة، بدل أن يكون أقوى عملة في العالم؟

تتحول شيكات الأنظمة غالبا إلى شيكات تجارة في السوق السوداء، وتزدهر بدل أن تتضرر. وكان رجال الأخ القائد يسيطرون على التجارة مع مصر من جانب وتونس من جانب آخر. وتوسعت هذه التجارة إلى صفقات الماس مع تشارلز تايلور والأخ فركوح، نسيت اسمه الأول، أو الأخير.

بماذا تعاقب الأمم أبطال الصمود؟ لقد ظلوا غارقين في الديباج حتى لحظة الكهف أو الأنبوب. العقوبات نظام قائم على القانون في عالم لا يرقى إلى الغاب.